مقدمة:
قد تشتعل حرائق الغابات خلال ثوانٍ، فتنتشر بسرعةٍ، وتلتهم النباتات الجافة، وكل شيء في طريقها تقريبًا، حيث يمكن أن تجتاح حرائق الغابات آلاف الهكتارات من الأراضي المحيطة؛ ممَّا يهدد منازل وحياة الكثيرين في المنطقة المجاورة، حتى إنَّها تنتج حرائق أصغر عن طريق رَمْي الجمر على بُعْد أميالٍ، وفي هذه المقالة سنُلْقي نظرةً على حرائق الغابات، وكيف يُسْهم الطقس في انتشارها.
- حرائق كولورادو:
أفاد مسؤولون باحتراق فندق ومركز تسوُّق، وما يقدر بنحو (580 منزلًا)، وإجلاء عشرات الآلاف من السكان جرَّاء حرائق غابات تُغذِّيها الرياح خارج مدينة دنفر بولاية كولورادو الأميركية التي تعاني من جفافٍ غير مسبوقٍ، وقضت النيران على قرابة (1600 فدان) في مقاطعة بولدر، مع وجود تحذيراتٍ من احتمال وقوع خسائر بشريَّة بسبب محاصرة النيران لفنادق ومراكز تسوُّق.
ويمتدُّ الحريق على مسافة (2.5 ميل مربع) = (6.5 كيلومترات مربعة)، وقد غطى أجزاء من سماء المنطقة بدخانٍ برتقاليٍّ، وأرسل السكان يندفعون للوصول إلى برِّ الأمان، وتمَّ الإبلاغ عن رياحٍ تجاوزت سرعتها (100 ميل) = (160 كيلومتر/ الساعة) في بعض الأماكن، ما أدَّى إلى تأجيج النيران، وتعقيد جهود رجال الإطفاء.
- أسباب الحرائق:
في يومٍ صيفيٍّ حارٍّ، عندما تصل ظروف الجفاف إلى ذروتها، يمكن لشيءٍ صغيرٍ مثل شرارةٍ من عجلة قطار تضرب المسار أن يشعل حريقًا هائلًا. وفي بعض الأحيان تحدث الحرائق بشكلٍ طبيعيٍّ لعدة أسبابٍ؛ منها: حرارة الشمس أو البرق، ومع ذلك فإن غالبيَّة حرائق الغابات ناتجة عن الإهمال البشري.
تشمل الأسباب البشرية الشائعة لحرائق الغابات ما يلي:
- حريق متعمد أو مفتعل لأهدافٍ تخريبيةٍ.
- نيران الشواء في النزهات أو في رحلات التخييم.
- رمي أعقاب السجائر المشتعلة.
- حرق الحُطام بشكل غير صحيح.
- اللَّعب بأعواد الكبريت أو الألعاب النارية.
- إشعال النار لهدفٍ مُعيَّنٍ؛ مثل: (التخلص من الحشائش الضارة).
- دور الطقس في حرائق الغابات:
إن التغيُّر الحراري الذي يتسبَّب فيه الإنسان يقف بشكلٍ رئيسٍ وراء تغير أنماط الطقس والكوارث المناخية، وتعاني كولورادو مثل جميع مناطق الغرب الأميركي من جفافٍ مستمرٍّ منذ سنوات جعل مناطقها عُرْضةً لحرائق الغابات، وكتب (دانيال سواين) عالِم الأرصاد الجوية في جامعة كاليفورنيا على تويتر أنه: «من الصعب تصديق حدوث هذه الحرائق في ديسمبر»، وأضاف: «لكن خُذْ بعين الاعتبار خريفًا حارًّا وجافًّا بشكل قياسي، ومعدل ثلوج هذا الموسم يبلغ حتى الآن إنشًا واحدًا فقط، ورياح شديدة بسرعة (100 ميل/الساعة)، والنتيجة كانت حرائق سريعة وخطيرة للغاية».
ويلعب الطقس دورًا رئيسًا في ولادة ونمو وموت حرائق الغابات، حيث يؤدي الجفاف إلى ظروف مواتية للغاية لحرائق الغابات، والرياح تساعد على تقدُّم حرائق الغابات، ويمكن للطقس أن يُحفِّز النار على التحرُّك بشكلٍ أسرع، وابتلاع المزيد من الأراضي، كما يمكن أن يجعل مهمة مكافحة الحريق أكثر صعوبةً.
- وهناك ثلاث مكونات للطقس يمكن أن تؤثر على حرائق الغابات:
1- درجة الحرارة: تؤثر درجة الحرارة على اندلاع حرائق الغابات؛ لأن الحرارة هي أحد الأركان الثلاثة لمثلث النار، وتتلقَّى بقايا الأشجار والنباتات الموجودة على الأرض الحرارة من الشمس، والتي تسخن وتجفف المواد، وتسمح درجات الحرارة الأكثر دفئًا بأن يشتعل الوقود، ويحترق بشكلٍ أسرع؛ مما يزيد من معدل انتشار حرائق الغابات؛ لهذا السبب تميل حرائق الغابات إلى التأجُّج في فترة ما بعد الظهر عندما تكون درجات الحرارة في أعلى مستوياتها.
2- الرياح: ربما يكون للرياح أكبر تأثيرٍ على سلوك حرائق الغابات، وتُزوِّد الرياح النار بالأكسجين الإضافي، وتُجفِّف المواد بشكلٍ أكبر، وتدفع النار عبر الأرض بمعدلٍ أسرع، والرياح لا تؤثر فقط على كيفية نشوب الحريق، ولكن الحرائق نفسها يمكنها تطوير أنماط رياح، وأنماط طقس خاصة بها؛ إذ يمكن أن تولد حرائق الغابات الكبيرة والعنيفة رياحًا تسمى: (دوَّامات النار)، (الدوَّامات النارية)، التي تشبه الأعاصير، وتنتج عن حرارة النار، ومن المعروف أن دوَّامات النار تقذف جذوع الأشجار المشتعلة والحُطام المحترق إلى مسافاتٍ بعيدةٍ.
وكلَّما هبَّت الرياح أقوى، زادت سرعة انتشار النار، ويُولِّد الحريق رياحًا خاصة به أسرع بمقدار عشر مرات من الرياح المحيطة، حتى إنَّه يمكن أن يلقي الجمر في الهواء، ويخلق حرائق إضافية، ويمكن للرياح أيضًا أن تُغيِّر اتجاه النار، ويمكن أن ترفع العواصف النار إلى الأشجار؛ ممَّا يؤدي إلى حرائق تاجيَّة تصل حتى أعالي الأشجار.
3- الرطوبة: بينما تساعد الرياح على انتشار النار، تعمل الرطوبة ضد الحريق، والرطوبة -على شكل رطوبة أو هطول- يمكن أن تبطئ النار، وتقلل من شدَّتها. وقد يكون من الصعب اشتعال المواد إذا كانت تحتوي على مستويات عالية من الرطوبة؛ لأن الرطوبة تمتص حرارة النار، وعندما تكون الرطوبة منخفضةً، فهذا يعني أن هناك كمية قليلة من بخار الماء في الهواء، فمن المرجح أن تبدأ حرائق الغابات، وكلما زادت الرطوبة، قلَّ احتمال جفاف المواد واشتعالها.
ونظرًا لأنَّ الرطوبة يمكن أن تُقلِّل من فرص اندلاع حرائق الغابات، فإنَّ هطول الأمطار له تأثير مباشر على الوقاية من الحرائق.
- أضرار الحريق:
بالإضافة إلى الأضرار التي تُسبِّبها الحرائق من دمارٍ، فإنها يمكن أن تترك وراءها أيضًا مشاكل كارثيَّة، قد لا تظهر آثارها لعدة أشهرٍ بعد اندلاع الحريق. وعندما تدمر الحرائق جميع النباتات الموجودة على التلِّ أو الجبل، يمكن أن تضعف أيضًا المادة العضوية في التربة، وتمنع الماء من اختراق التربة، ومن المشكلات التي تنتج عن ذلك: التآكل الخطير الذي يمكن أن يؤدِّي إلى تدفقات الحُطام.
مثال على ذلك: حدث في أعقاب حريق غابات في يوليو 1994 أنَّه أدى إلى حرق حوالي (2000 فدان) من الغابات والشُّجيرات على المنحدرات شديدة الانحدار لجبل العاصفة ” Storm King”، بالقرب من (غلينوود سبرينغز) في كولورادو. وبعد شهرين من الحريق، تسبَّبت الأمطار الغزيرة في تدفُّق الحطام الذي سكب أطنانًا من الطين والصخور وغيرها من الحطام على امتداد (3 أميال) من الطريق السريع.