مقدمة:
في الظروف الطبيعية يتعرَّض الأفراد يوميًّا لمصادر إشعاع طبيعية، فضلًا عن مصادر إشعاع من صُنْع الإنسان، ويستنشق الأفراد ويبتلعون يوميًّا نويدات مُشعَّة في الهواء والغذاء والماء، ومعظم هذه النويدات المشعَّة موجودة بشكل طبيعي في بيئتنا، بَيْد أن نسبةً صغيرةً منها تَنجُم عن مصادر من صنع الإنسان مرتبطة بالتطبيقات الطبية والصناعية للإشعاع.
وقد يكون هناك نشاط إشعاعي إضافي في الأغذية حال تسرُّب مواد مشعَّة على أثر طارئةٍ نوويةٍ أو إشعاعيةٍ، وسواء تساقطت هذه المواد المشعَّة من الهواء، أو حملتها مياه الأمطار أو الثلوج، فإنها يمكن أن تترسَّب على سطح الأغذية؛ مثل: الخضراوات، أو الأعلاف الحيوانية، ومع مرور الزمن قد تنتقل النويدات المشعَّة عبر التربة إلى المحاصيل أو الحيوانات، وتتراكم داخل الأغذية، كما أنه يمكن أن تنجرف النويدات المشعَّة إلى الأنهار والبحيرات والبحار؛ حيث يمكن أن تستقرَّ في الأسماك والمأكولات البحرية.
الآثار الصحية المحتملة:
إنَّ استهلاك الأغذية الملوثة بالنويدات المشعَّة الناجمة عن طارئةٍ نوويةٍ أو إشعاعية سيزيد من مقدار النشاط الإشعاعي في الجسم، ويمكن أن يزيد من المخاطر الصحية المرتبطة بالتعرُّض للإشعاع، وسيتوقف مستوى الخطر على نوع النويدات المشعَّة التي تمَّ بلعها، ومقدار الإشعاعات التي تنفذ إلى الجسم.
فعلى سبيل المثال: إذا تمَّ بلع اليود المشع عن طريق غذاء أو شراب ملوث، أو تمَّ استنشاقه عن طريق هواءٍ مُلوَّثٍ، فإنَّه سيتراكم في الغدة الدرقية، ويزيد من خطر الإصابة بسرطان الغدة الدرقية، لا سيما عند الأطفال، ويخفض اليود المشع نشاطه الإشعاعي إلى النصف (ما يُسمَّى بالعمر النصفي) في غضون (8 أيام)، ويصبح غير مشعٍّ (يتحلَّل) في نهاية المطاف في غضون أسابيع قليلة، وللحيلولة دون امتصاص الغدة الدرقية لليود المشعِّ، تُستخدَم أقراص اليود المستقر (أقراص يوديد البوتاسيوم (KI) لإشباع الغدة الدرقية بغرض الحيلولة دون تراكم اليود المشع.
وفي المقابل، فإنَّ النظير المشع للسيزيوم الذي يبلغ عمره النصفي (30 عامًا)، سيظل في البيئة لسنواتٍ عديدةٍ. ومن هنا فإنَّه يُسبِّب للزراعة مشكلةً أكبر بكثيرٍ من اليود، فإذا تغلغل في التربة، ووصل إلى الجذور، فإنَّه يستمرُّ مُشعًّا داخل النباتات لسنواتٍ أو لعدة عقودٍ من الزمن؛ لذلك نرى أنه بعد (25 سنة) على كارثة تشرنوبيل النووية لا تزال أنواع من الفِطْرِ في بعض مناطق جنوب ألمانيا مُصَابة بالتلوث الذري. ويُوزَّع السيزيوم المشع في الجسم بأكمله بشكلٍ أكثر تجانسًا من اليود، ويمكن أن يؤدِّي التعرُّض للسيزيوم المشع إلى زيادة خطر الإصابة بأنواعٍ مُعيَّنةٍ من السرطان، وينطبق هذا الأمر كذلك على بعض النويدات المشعَّة الأخرى.
إرشادات السلامة العامة:
إنَّ الاستجابة للطوارئ الإشعاعية أو النووية تُشْبه الاستجابة لأي طارئةٍ أخرى تنطوي على مواد خطرة تتسبَّب في تلوث الأغذية. وفي المراحل الأولى من الطارئة يمكن اتخاذ إجراءات فوريَّة للحيلولة دون حدوث التلوث الإشعاعي للأغذية أو الحد من أثره إذا ما كان من المأمون القيام بذلك، فعلى سبيل المثال يمكن القيام بما يلي:
- حماية الأغذية والأعلاف الحيوانية المخزونة في الهواء الطلق؛ وتغطيتها بأغطية بلاستيكية، أو بقماش مشمع غير منفذ.
- إغلاق منافذ تهوية بيوت الاستنبات لحماية الخضراوات المزروعة.
- إحضار الماشية من المراعي، ونقل الحيوانات إلى سقيفةٍ أو حظيرةٍ.
- حصاد أي محاصيل ناضجة، ووَضْعها في مكانٍ مغطى قبل حدوث أي تساقط.
- عدم الحصاد بعد التساقط. وفي هذه الحالة يُنتظَر صدور المزيد من التعليمات عقب حدوث التلوث.
ويلزم النظر في اتِّخاذ العديد من الإجراءات الأخرى على المدى القصير والمتوسط والطويل في المناطق التي تأكَّد تلوُّثها بشكلٍ خطيرٍ؛ مثل:
- تجنُّب استهلاك الحليب أو الخضراوات المنتجة محليًّا.
- تجنُّب ذبح الحيوانات.
- تجنُّب استهلاك الحيوانات والنباتات المائية وحصادها (بما في ذلك الأسماك والمحاريات والطحالب).
- تجنُّب جَنْي الفِطْر أو غيرها من الأغذية البرية أو التي تُجمَع.
