مقدمة:
إنَّ التغيُّرات السريعة والمتلاحقة التي يشهدها العالم على الصعيد الصناعي أو الجغرافي والمناخي أو السياسي تستدعي أن تكون المؤسسات الحكومية والخاصة في جميع المجالات على مستوًى عالٍ من الجاهزية والاستعداد للمخاطر المحتملة. ومن المعروف أن التخطيط السليم لإدارة الكوارث والأزمات يلعب دورًا كبيرًا في تحسين التنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة (الموارد البشرية والمالية والأصول)، والحد من مخاطر الكوارث والأزمات مهمٌّ لاستمرار وتناغم التخطيط الاستراتيجي للدولة ومؤسساتها، وفي تطوير قدرة المؤسسات والأفراد علـى مواجهة المخاطر.
ولذلك، يعتبر التخطيط لإدارة الكوارث والأزمات ضرورة لتعزيز التأهُّب والاستجابة الفعَّالة للكوارث الطبيعية، أو تلك التي يكون العنصر البشري سببًا رئيسًا فيها.
وبالتالي، ينبغي إعداد خطط لإدارة الحالات الطارئة بما يضمن سرعة الاستجابة لأيِّ طارئٍ، وتسريع وتسهيل عمليَّة التعافي، واستعداد العملية التشغيليَّة، وتقليص حجم الأضرار الناتجة، وممَّا يدل على اهتمام العالم بهذا: وثيقة (سنداي) التي تُشجِّع الحكومات على تشجيع مؤسساتها العامة والخاصة على تقييم ورَصْد المخاطر المحتملة لكل قطاع، وتقييمها، وإعداد الخطط التي من شأنها تخفيف أو مَنْع آثارها، وبما أن النظرية العامة في إدارة الحالات الطارئة تنصُّ على أنه لا يمكن منع الكوارث والأزمات، وإنما التنبُّؤ بها، وتخفيف أو مَنْع الآثار السلبية المترتبة عليها، كما ويُشكل إطار (سنداي) للحدِّ من مخاطر الكوارث خطوةً مهمةً نحو تعزيز مُرُونة المجتمعات تُجَاه الكوارث، والحد من أخطارها المختلفة.
وممَّا يجدُر الإشارة إليه هنا أنَّ علم إدارة الأمن والسلامة والطوارئ يُركِّز على السلامة الوقائية كنَهْجٍ استباقيٍّ شاملٍ للوقاية والحد من مخاطر الحالات الطارئة على المؤسسات بمختلف أشكالها، وعلى الأفراد بشكلٍ عامٍّ، وبالتالي ينبغي على الجهات والمؤسسات أن تنهج النَّهج الاستباقي والوقائي لحماية منسوبيها ومُوظَّفيها من المخاطر المحتملة في بيئات عملهم من خلال تبنِّي المعايير، والأنظمة، واللوائح المتعلقة بإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث، والاستعداد والتخطيط السليم لمواجهتها، والحد من أخطارها.
وسوف يتمُّ التطرُّق للنقاط الأساسية المهمَّة التي يحتاجها كل مسؤولٍ عن إدارة الأزمات والكوارث في مُنظَّمته، وسيتمُّ التطرُّق لأهم المفاهيم المرتبطة بإدارة الكوارث والأزمات، وأهداف التخطيط السليم لإدارة الحالات الخطرة، والأسباب الكامنة وراء الكوارث والأزمات، والعناصر والأسس اللازمة لإعداد خطة إدارة الأزمات والكوارث، ومصفوفة المخاطر، والمعايير الأساسية لعملها، وكما سيتمُّ التطرُّق لأهمِّ مراحل إدارة الكارثة أو الأزمة مع الأمثلة.
- مفاهيم ومصطلحات متعلقة بإدارة الكوارث والأزمات:
إن التعرُّف على الفرق بين الكوارث والأزمات من حيث معناها والخصائص الجوهرية المميزة لكلٍّ منها له دورٌ كبيرٌ في تحديد مسار إدارة الحالة، ومساعدة صُنَّاع القرار في اتخاذ الإجراءات الصحيحة والفعَّالة.
وتُعَرف إدارة الشؤون الإنسانية التابعة للأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية، وقاموس GN متعدد اللغات لطب الكوارث والإغاثة الدولية «الكوارث» على أنَّها: اضطراب خطير في عمل المجتمع؛ ممَّا يتسبَّب في خسائر بشرية أو مادية أو بيئية كبيرة تتجاوز قدرة الاستجابة المحلية، وتتطلَّب مساعدة خارجية.
أمَّا «الأزمة»، فهي نقطة التحوُّل لوقت عصيب وخطر على المستقبل، يتبعه ضرورة اتخاذ قرار محدد، وتعني أيضًا اللحظة الحرجة التي تتعلق بالمصير الإداري للمنظمة.
وتُعَرف الاستراتيجية الدولية للحدِّ من الكوارث 2007 «الكوارث» بأنها: عملية متوالية لتفاقم المخاطرة، وتنشأ من مزيجٍ من المخاطر، وظروف نقص المناعة، وعدم كفاية القدرة أو التدابير اللازمة لتقليل الآثار السلبية المحتملة للمخاطر.
وتُعَرف «الأزمة» على أنها حالة غير عادية تَخرج عن التحكُّم والسيطرة في معظم الأحيان، وقد تشلُّ حركة العمل، وتُهدِّد تحقيق أهداف المنظمة.