يُعَدُّ مجال النفط والغاز الطبيعي من المجالات الخطرة، والتي تعجُّ بمختلف أنواع المخاطر، وذلك بسبب طبيعة العمل، ومدى تعقيد عمليات الإنتاج المختلفة فيه، مقارنةً بالقطاعات الأخرى.
لذا، تُشكِّل السلامة والصحة المهنية العمود الفِقَري والركن الأصيل في صناعة النفط والغاز الطبيعي، حيث إنَّ التأصيل لثقافة السلامة والصحة المهنية لدى العاملين بمختلف شركات النفط والغاز الطبيعي وترجمتها لأسلوب حياةٍ في العمل يُعدُّ من المبادئ الأساسية، وأيضًا من الأساسيات المهمة للحماية من أخطار الحوادث في ذلك القطاع الاستراتيجي للدول، وبالأخص المنتجة للنفط والغاز الطبيعي، وذلك لأنَّ الأخطار التي تنتج عن عدم الالتزام بتلك المعايير قد تصل إلى تكبُّد الدول والشركات الكبرى لخسائر ضخمة من توقُّف عمليات الإنتاج، وفَقْد حِصَّتها النفطية في الأسواق العالمية، وأيضًا إلى إنهاء حياة العاملين بتلك المواقع البترولية، كما أنها مدمرة في كثيرٍ من الأحيان.
وتُشكِّل عمليات تأمين ظروف التشغيل الآمن لمواقع الإنتاج وللعاملين والمعدات والمنشآت من العناصر الأساسية، والتي لا تهاون بها، أو تنازل عنها في جميع قطاعات صناعة النفط والغاز الطبيعي المختلفة، وهناك العديد من النقاط بهدف تطوير مسألة السلامة والصحة المهنية، وذلك حفاظًا على أرواح العاملين ومستويات ومعدلات الإنتاج اليومي، وكذلك الحفاظ على المُعدَّات والمنشآت، والتي تُكلِّف الدول والشركات الكبري المليارات من أجل إصلاحها في حال حدوث حوادث بتلك المواقع، أو للرجوع لمستويات الإنتاج الطبيعية.
فعلى سبيل المثال: يجب -أولًا- مراجعة الشهادات الفنية والمهنية لكلِّ المهندسين والعاملين والفنيِّين، والذين بدَوْرهم يقومون بالمسئولية كاملةً عن أجهزة الحفر المختلفة وتطبيقاته، وذلك أثناء عمليات الصيانة، أو التجهيز لحفر آبار جديدة، حيث إنَّ هناك العديد من الأخطار الكبيرة والكثيرة، والتي يتعامل معها جهاز الحفر؛ إمَّا في مناطق مفتوحة، أو مناطق داخل الحقول، والتي تحتوي على عددٍ كبيرٍ من الآبار المنتجة، والكثير من التركيبات المُعدَّة لمحطات استقبال النفط الخام، وخطوط النقل المُتشعِّبة داخل الحقول المنتجة للنفط أو الغاز الطبيعي.
ولذلك، يجب الاهتمام بالدورات التدريبيَّة للسلامة والصحة المهنية في صناعة النفط والغاز الطبيعي، وعلى أن تكون هذه الدورات لمؤسسات دولية، وتكون قادرةً على تقييم الكوادر والنوعيَّات التي تكون محل ثقةٍ في إدارة المواقع الاستراتيجية من حيث الأمن والسلامة والصحة، ودرء الأخطار، وضرورة إعداد لجانٍ متخصصةٍ في كل دولةٍ تشمل ذوي القدرات الفنية والتقنية العامة؛ سواء من الشركات الوطنية أو العالمية، على أن يتمَّ اختيارها على حسَب النوعية الفنية والخبرة العالمية، وإنشاء لجنة مراقبة حكومية من كلِّ تخصصات قطاع النفط والصحة والبيئة بالدول المنتجة للنفط والغاز الطبيعي، حيث يكون منوطٌ بهذه اللجنة زيارة كل المواقع النفطية، والمواقع الأرضية والبحرية والأرصفة، وإعداد تقارير تقييم للحالة لكلِّ موقعٍ على حدة، وكذلك اتِّخاذ القرارات التي تراها في مصلحة الأمن والسلامة.
مجمل القول: هناك اختلاف ثقافات كبير لدى الشركات -بل والأفراد- العاملة أيضًا في صناعة النفط والغاز الطبيعي، حيث تتفاوت مقادير ومعايير الأمن والسلامة، ويجب أن يعي جميع العاملين فى ذلك القطاع الاستراتيجي والحيوي بأنَّ الأخطاء في هذا المجال قد تُكلِّف ضياع الحياة والممتلكات والشركات والأسماء، وبالتالي هناك العديد من الخطوط العريضة، والتي يجب أَخْذها داخل الحياة البترولية بشكلٍ عامٍّ.