السلامة في العمل داخل الأماكن الضيقة: التقييم، المخاطر، والإجراءات الوقائية

السلامة من مخاطر العمل في الأماكن الضيقة أو المغلقة تتطلب فهم المخاطر الأساسية والإجراءات الواجب اتباعها للوقاية منها. الأماكن الضيقة أو المحصورة هي أماكن كبيرة بما يكفي لدخول الإنسان ولكنها ليست مخصصة للإقامة أو العمل لفترات طويلة، ولها مداخل ومخارج محدودة. الأمثلة تشمل الخزانات، الأنفاق، الصهاريج، حفر العميقة، والمناهل.

مستويات قياس الغازات في الأماكن الضيقة

مستويات قياس الغازات في الأماكن الضيقة تشمل نقاطاً حرجة يجب الانتباه لها لضمان سلامة العاملين:

نسبة الأكسجين: يجب أن تكون بين 19.5% و23.5%، حيث يعتبر نقص الأكسجين أقل من 19.5% خطراً يسبب الاختناق وفقدان الوعي، وزيادة نسبة الأكسجين فوق 23.5% تزيد من خطر الاشتعال.
الغازات القابلة للاشتعال: يقاس تركيزها بالنسبة للحد الأدنى للانفجار (LEL) والحد الأعلى للانفجار (UEL). يجب أن يكون تركيز الغاز أقل من LEL، إذ إذا تجاوز هذا الحد يصبح المكان قابلاً للاشتعال أو الانفجار.
الغازات السامة مثل كبريتيد الهيدروجين (H₂S) وأول أكسيد الكربون (CO): يجب مراقبة تركيزها لأن ارتفاعها يُعرض العاملين لمخاطر تسمم خطيرة.

يُفضل أخذ عينات من الهواء على ارتفاعات مختلفة داخل المكان الضيق (قاعدة الأربعة أقدام) للتأكد من توزع الغازات بشكل صحيح. تُستخدم أجهزة متعددة الاستشعار مزودة بتنبيهات إنذارية عندما تتجاوز القراءات الحدود الآمنة، مما يسمح باتخاذ إجراءات الطوارئ الفورية.

إجراءات الطوارئ والإنقاذ في الأماكن الضيقة

التخطيط المسبق: إعداد خطة إنقاذ خاصة بكل موقع تحتوي على تحديد واضح لفرق الإنقاذ، طرق الدخول والخروج، ومعدات الإنقاذ اللازمة.
تدريب فرق الإنقاذ: تدريب فرق إنقاذ مختصة على مهارات الدخول السريع والآمن للأماكن الضيقة، واستخدام أجهزة التنفس والمعدات الخاصة.
مراقبة مستمرة: وجود مراقب أو مشرف خارج المكان الضيق يتابع الحالة ويستطيع فوراً تنبيه فرق الإنقاذ عند الحاجة.
معدات الإنقاذ: توفير معدات إنقاذ مخصصة مثل حبال السحب، أجهزة التنفس المستقلة، وأجهزة الاتصالات اللاسلكية للحفاظ على التواصل المستمر.
إجراءات الإسعاف الأولي: تأهيل الفرق على تقديم الإسعافات الأولية لحالات الاختناق أو الإصابات مع تنظيم النقل السريع إلى مرافق طبية.

إليك أمثلة واقعية مع ذكر الأماكن لحوادث العمال في الأماكن الضيقة:

حادثة وفاة عمال في مناهل الصرف الصحي، الولايات المتحدة: في عام 2011، توفي شقيقان نتيجة استنشاق غاز كبريتيد الهيدروجين السام داخل منهل صرف صحي. حاول الأخ الأكبر إنقاذ أخيه ولكن توفي أيضاً بسبب نقص الأكسجين وغياب معدات الحماية المناسبة.
حادثة وفاة 6 عمال في موقع بناء أنفاق، الهند: أثناء العمل داخل نفق ضيق، توفي 6 عمال بسبب نقص الأكسجين وتكدس الغازات الضارة داخل الموقع. كما توفي المنقذون بسبب عدم اتخاذ إجراءات إنقاذ مدروسة.
حادث في مصنع كيماويات – صهريج تخزين مصر: فقد عدة عمال الوعي إثر دخول صهريج غير مهوي جيداً، بسبب تركيز الغازات السامة ونقص التهوية، وتم إنقاذهم بعد تدخل سريع.
في زلزال ملاطيا جنوب تركيا (2023)، قامت فرق الإنقاذ بتقسيم العمل إلى مجموعات متخصصة تعمل بتنسيق دقيق ودخول تدريجي للمناطق المتضررة، مع استخدام أنظمة استكشاف حديثة مثل الكاميرات الحرارية وأجهزة الاستشعار للبحث عن ناجين تحت الأنقاض. التحقيق أكد أهمية التنظيم والتدريب الجيد، وأن الأمل بالنجاة يمكن أن يستمر لعدة أيام بعد الكارثة.

بعض الأرقام والإحصائيات الهامة عن مخاطر العمل في الأماكن الضيقة أو المغلقة:

الأماكن الضيقة تحتل المرتبة الثالثة بين أسباب الوفيات المهنية سنويًا بعد حوادث الكهرباء والسقوط من المرتفعات، بسبب اختناق نقص الأكسجين والغازات السامة وقابلية الانفجار.
تتسبب حوادث العمل في الأماكن المغلقة بأكثر من 500 حالة إصابة سنويًا.
وفقًا لمنظمة الصحة العالمية ومنظمة العمل الدولية، تصل الوفيات المرتبطة بالأماكن والعمل إلى ما يقرب من مليونين وفاة سنويًا على مستوى العالم، منها نسبة كبيرة بسبب الحوادث المرتبطة بنقص الأكسجين والتسمم والاختناق في أماكن ضيقة.
أظهرت تقارير زيادة في عدد وفيات عمال البناء بنسبة 50% خلال سنة واحدة، مع تسجيل 39 حالة وفاة في حوادث عمل من بينها حوادث في أماكن ضيقة بسبب عدم الالتزام بمعايير السلامة.
نحو 60% من وفيات الأماكن المغلقة تحدث أثناء عمليات الإنقاذ، مما يبرز أهمية التدريب الصحيح وتوفير معدات الحماية لفرق الإنقاذ لتفادي وقوع ضحايا إضافيين.

أحدث التقنيات والوسائل للسلامة في العمل في الأماكن الضيقة لعام

معدات الحماية الشخصية الذكية (Smart PPE): مثل الخوذات الذكية التي تحتوي على أجهزة استشعار لقياس الحرارة، الضوضاء، ونسبة الأوكسجين، بالإضافة إلى نظام تحديد المواقع GPS وكاميرات مدمجة لمراقبة موقع العامل عن بعد. هذه الخوذات تقلل من حوادث الإصابات بنسبة تصل إلى 30%.

أنظمة مراقبة الصحة والسلامة عن بعد: أجهزة تتبع اللياقة البدنية لمراقبة معدل ضربات القلب والتنفس وحركة العامل، وتنبيه المشرفين في حالات الإجهاد أو الوقوع في وضعيات خطرة لضمان استجابة سريعة.
تكنولوجيا الواقع المعزز (AR): تستخدم النظارات الواقية الذكية التي تعرض تعليمات السلامة ومعلومات مهمة أمام عيني العامل لتحسين الأداء وتقليل الأخطاء في البيئات الخطرة.
أنظمة إخماد حرائق ذكية: تعتمد على أجهزة استشعار متقدمة مع قدرات مراقبة واستجابة آنية، مما يساعد في الكشف المبكر للحرائق في الأماكن الضيقة والتحكم السريع لمنع انتشارها.
الروبوتات الاستكشافية: تستخدم لفحص الأماكن الضيقة أو صعبة الوصول مثل الخزانات والأنابيب، مما يقلل الحاجة لدخول العمال إلى أماكن خطرة.
الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء IoT: تُستخدم لمراقبة مستمرة للبيئة داخل الأماكن الضيقة وتحليل البيانات بشكل ذكي للتنبؤ بالمخاطر المحتملة وتحسين خطط السلامة.

أهم الأكواد والمعايير الدولية للسلامة في الأماكن المغلقة لعام 2025

معيار OSHA 1910.146 (الولايات المتحدة): يحدد متطلبات العمل الآمن في الأماكن الضيقة، مثل تقييم المخاطر، إصدار تصاريح الدخول، مراقبة الغلاف الجوي، استخدام معدات الحماية الشخصية، وجود مراقب دخول، وخطط الطوارئ والإنقاذ. هذا المعيار يعتبر المرجع الأساسي للسلامة المهنية في الأماكن المغلقة.
NFPA 350 (الجمعية الوطنية للحماية من الحرائق): يقدم إرشادات شاملة لإدارة السلامة في الأماكن الضيقة والمحصورة، بما في ذلك تحديد المخاطر، التدريب، التحكم في الطاقة الخطرة، وتنفيذ إجراءات الدخول الآمن وخطط الإنقاذ.
معايير وتوجيهات NASP: تقدم دورات تدريبية معتمدة على أفضل الممارسات العالمية مثل OSHA، وتركز على التعليم العملي والتدريب الميداني لضمان فهم المخاطر والتعامل معها بشكل فعال.
التشريعات المحلية والدولية: مثل لوائح العمل والصحة والسلامة في الدول المختلفة التي تلزم أصحاب العمل بتقييم المخاطر، تأمين المواقع، توفير التدريب، ومراقبة بيئة العمل بفعالية.

ختاماً، تعتبر السلامة في الأماكن الضيقة من القضايا الحيوية التي تتطلب التزاماً صارماً بالمعايير الدولية مثل OSHA 1910.146 وNFPA 350، إضافة إلى تطبيق خطط تقييم المخاطر، تصاريح الدخول، واستخدام معدات حماية شخصية متقدمة. يجب أن يكون هناك تدريب مستمر للعاملين ويقظة دائمة لضمان تنفيذ إجراءات الطوارئ وخطط الإنقاذ. الاستثمار في التكنولوجيا الحديثة يعمل على تعزيز مراقبة جودة الهواء وتأمين بيئة العمل، مما يساهم في تقليل الحوادث وحماية حياة العمال. السلامة ليست خياراً بل ضرورة لضمان عودة كل عامل إلى بيته سالمًا.

المصادر:

https://www.arabcont.com/magala/details-946-10-6

https://middleeastosha.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%85%D9%84-%D8%A8%D8%A7%D9%85%D8%A7%D9%86-%D8%AF%D8%A7%D8%AE%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%85%D8%A7%D9%83%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%BA%D9%84%D9%82%D8%A9/