محتويات علمية

جنوح سفينة الغطس RED ZED 1 واصطدمها بمعدية ركاب في قناة السويس:

أسباب فشل منظومة التوجيه وإجراءات السلامة البحرية

تُعتبر قناة السويس واحدة من أهم الممرات البحرية العالمية التي تعبرها يوميًا مئات السفن التجارية ونقل الركاب، وتمثل هذه القناة شريانًا حيويًا للتجارة الدولية. حادث اصطدام السفينة RED ZED 1 بمعدية نقل الركاب في القنطرة هو مثال بارز على المخاطر التي قد تنتج عن فشل نظم التوجيه الفنية في السفن. من خلال هذا التحليل، نسعى إلى تسليط الضوء على أهمية الصيانة الدورية، التدريب المستمر، واستخدام التكنولوجيا الحديثة لتعزيز سلامة الملاحة في هذا الممر المائي الحيوي.

قناة السويس توضح طبيعة حادث جنوح سفينة وكيفية التعامل مع الحادث

صرح رئيس هيئة قناة السويس المصرية أسامة ربيع، بأن نتائج الفحص الشامل الذي أعدته لجنة تحقيقات الحوادث التابعة للهيئة عن واقعة جنوح سفينة الغطس RED ZED 1،

أكدت عدم وجود أية خسائر بشرية أو إصابات، وسلامة السفينة بشكل عام مع وجود بعض التلفيات في موقع الحادث.

وأوضح أن قناة السويس نجحت في التعامل باحترافية شديدة مع الموقف الطارئ حيث تعرضت سفينة الغطس RED ZED 1 خلال عبورها للقناة ضمن قافلة الشمال، لفقدان مفاجئ في منظومة التوجيه أدى إلى انحرافها بالكيلومتر ٤٥ ترقيم القناة بموقع معدية الركاب بالقنطرة غرب.

وأكد رئيس هيئة قناة السويس أن الإجراءات التي تم اتخاذها من قبل الهيئة لإدارة الموقف الطارئ حالت دون وقوع اصطدام مؤثر برصيف المعدية، مشيراً في هذا الصدد إلى احترافية مرشدي القناة ممن تواجدوا على السفينة RED ZED1 ونجاحهم في منع التصادم العمودي والمباشر بين بدن السفينة مع رصيف المعدية ليكون التصادم موازي لمنع حدوث أضرار جسيمة.

كما لفت ريس الهيئة إلى عدم تأثر حركة الملاحة بالقناة  نتيجة للحادث حيث تمت إدارة الأزمة بشكل كامل في وقت قياسي خلال 60 دقيقة، منوهاً إلى عدم تأثر عملية انتقال المواطنين بين ضفتي القناة بموقع معدية القنطرة حيث تم على الفور استبدال المعدية التي تعرضت للحادث بأخرى احتياطية واتخاذ اللازم حيال تحديد التلفيات وإصلاح الأعطال بمعرفة اللجان المعنية التابعة للهيئة.

الأسباب الفنية المحتملة لفشل منظومة توجيه السفينة RED ZED 1 قد تشمل عدة عوامل تقنية وتشغيلية، منها:

  1. عطل في نظام التحكم بالتوجيه(Rudder System): قد يحدث خلل ميكانيكي أو كهربائي في نظام الدفة أو المحركات المسؤولة عن التحكم في توجيه السفينة، مما يؤدي إلى فقدان القدرة على تغيير اتجاه السفينة بدقة.
  2. انقطاع أو خلل في منظومة الطاقة للمحركات التوجيهية: إذا حدث انقطاع في التيار الكهربائي أو تعطل بالمولدات، قد يتوقف نظام التوجيه عن العمل.
  3. الأخطاء في البرمجيات أو أنظمة التحكم الإلكترونية: تتضمن أنظمة التوجيه الحديثة مكونات إلكترونية وبرمجيات، وأي خلل في البرمجة أو الأجهزة الإلكترونية يؤدي إلى فشل في الاستجابة لأوامر التوجيه.
  4. أخطاء بشرية أو في التشغيل: قد تحدث أخطاء في إدارة النظام أو إجراءات التشغيل، مثل عدم متابعة صيانة دورية أو تجاهل إنذارات النظام.
  5. تلف ميكانيكي أو تعرض لمواد غريبة: قد يتسبب تآكل أو تلف في الأجزاء الميكانيكية أو دخول مواد أجنبية إلى آلية التوجيه في تعطيل المنظومة.
  6. قلة الصيانة أو ضعف جودة الأجزاء المستخدمة: قد يؤدي عدم الالتزام بالصيانة الوقائية واستخدام قطع غيار منخفضة الجودة إلى زيادة احتمالية الأعطال.

تعزيز أنظمة الإرشاد والملاحة لمنع انحراف السفن في القناة وتكرار الحوادث

  • الصيانة الدورية والفحص الدقيق لجميع أنظمة السفن الخاصة بالتوجيه والملاحة قبل العبور.كما يشترط إصدار شهادات صلاحية تثبت قدرة السفينة على القيام برحلتها بأمان، ويتم ذلك من خلال عمليات تفتيش دقيقة من قبل هيئات مختصة أو هيئات إشراف معتمدة.
  • تطبيق نظام إدارة السلامة المهنية والسلامة البحرية المتوافق مع المواصفات الدولية،وتبني إطار شامل لإدارة السلامة وفق معايير منظمة البحرية الدولية (IMO) International Maritime Organization  ومن أبرزها المعيار الدولي لإدارة السلامة  (ISM Code). International Safety Management Code هذا النظام يتضمن سياسات وإجراءات واضحة للتحكم في المخاطر المرتبطة بالتشغيل اليومي للسفن.و الامتثال للاتفاقيات الدولية مثل اتفاقية السلامة البحرية ( SOLAS)  Safety of Life at Sea .
  • تنفيذ خطط إخلاء طوارئ واضحة ومجهزة لمعديات نقل الركاب وأماكن التجمع القريبة.تشمل هذه الخطط وضع إجراءات دقيقة لإطلاق الإنذار وتنبيه الركاب، وتحديد طرق الإخلاء السريعة والآمنة، بالإضافة إلى تجهيز أماكن تجمع خارجية واضحة وآمنة لاستقبال الركاب بعد الإخلاء.
    • استخدام تقنيات الأقمار الصناعية الحديثة للنظام الملاحي للمراقبة الدقيقة لمواقع السفن ومساراتها، مما يمكن من التدخل المبكر عند حدوث أي انحراف.واستخدام شبكة رادارات متكاملة تغطي مزيدًا من المساحات الهامة على طول القناة، بما في ذلك مداخل البحر المتوسط والبحر الأحمر، مع تزويدها بمصادر طاقة احتياطية لضمان استمرارية العمل. وإدخال مفهوم Digital Twin للسفن وهو محاكاة رقمية لحالة السفينة تسمح برصد الأعطال مبكرًا.
    • تعزيز أداء محطات الإرشاد المنتشرة على طول القناة التي تقدم خدمات الإرشاد والتوجيه والإشارات والاتصالات للسفن لتجنب حوادث التصادم والجنوح.واعتماد أنظمة ملاحية ذكية ومتطورة تساهم في تحسين الأمان الملاحي من خلال مراقبة دقيقة وتحليل مستمر لحركة السفن، وتطوير محطات الإرشاد لتعمل بأنظمة طاقة متجددة لتحسين استمرارية الخدمة وضمان عملها بكفاءة عالية دون انقطاع في الطاقة، مما يقلل من احتمالات الأعطال الفنية أثناء التوجيه. تعزيز أنظمة VTS (Vessel Traffic Services) في قناة السويس باستخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل سلوك السفن وتوقع الانحراف قبل وقوعه
    • تعزيز مركز التحكم الإلكتروني بشاشات عرض متعددة تعرض بيانات شاملة لحركة السفن والمسارات، مع اتصالات متقدمة عبر شبكة ميكروويف وألياف ضوئية.
    • تحسين التنسيق بين الفرق الأمنية والإرشاديةوالجهات المختصة مثل هيئة قناة السويس والهيئة المصرية لسلامة الملاحة البحرية. وتركيب أبراج مراقبة جديدة مزودة بأحدث تقنيات الرادار وأجهزة الاتصالات لتعزيز قدرات الرصد والتنبيه المبكر.
    • الاستمرار في تدريب المرشدين البحريين وطاقم القاطرات على إدارة الأزمات وعمليات الإنقاذ لضمان سرعة الاستجابة لأي طارئ.
    • إقامة بنية تحتية متطورة تشمل علامات إرشادية (شمندورات) وإضاءة خاصة تساعد في الملاحة الليلية وفي الظروف الجوية السيئة.
    • وضع قواعد مرور ملزمة للسفن مع مراقبة صارمة للفواصل الزمنية والسرعات لضمان انسيابية عبور قافلة السفن وتقليل فرص التشابك أو الانحراف.وتنفيذ أنظمة تحليل وتتبع تلقائي للأهداف “(ARPA) Automatic Radar Plotting Aid” لتعزيز الوعي الظرفي وضبط مسارات السفن بدقة عالية.

إن تطبيق أحدث تقنيات السلامة البحرية، إلى جانب الصيانة الدورية والتدريب المحكم لفرق الإرشاد، يشكل درعًا واقيًا يحفظ استمرارية حركة الملاحة بأمان ويعزز الفعالية التشغيلية للقناة. يمثل هذا الحادث فرصة لإعادة تقييم وتعزيز أنظمة السلامة لضمان مستقبل أكثر أمانًا لحركة الملاحة في قناة السويس، وهو ما ينعكس إيجابيًا على الاقتصاد العالمي وأمن النقل البحري الدولي.

المصادر:

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *