محتويات علمية

“رحلة مصيف تتحول إلى مأساة: حادثة دهس تكشف نقاط الضعف في السلامة المرورية”

تشهد جمهورية مصر العربية ارتفاعًا ملحوظًا في معدلات حوادث المرور، نتيجة تضافر عدة عوامل أبرزها السرعة الزائدة، وضعف الرقابة المرورية، وعدم الالتزام بقوانين السير. وتفاقم المشكلة عوامل أخرى تتعلق بالبنية التحتية، مثل غياب التصميم الأمثل للطرق، ومشاركة المسارات بين الشاحنات والمركبات الصغيرة، مما يزيد من احتمالية وقوع الحوادث وخطورتها.

كما أن الكاميرات والرادارات في مصر تُستخدم في التوثيق وتحصيل الغرامات أكثر منها كأدوات وقائية فعلية.

يبرز حادث الشاطبي بالإسكندرية ككارثة مروعة مقارنة بحوادث أخرى لأسباب عدة محورية:

  • الحادث وقع أثناء عبور عائلتين سياحيتين من القاهرة طريق كورنيش الشاطبي في الإسكندرية بهدف التقاط صور تذكارية، فجأة فقد سائق ميكروباص السيطرة على المركبة ودهس 9 أشخاص، مما أدى إلى وفاة شخصين وإصابة 7 آخرين بإصابات بين كسور ونزيف داخلي خطير، بينهم أطفال ونساء.
  • السرعة الجنونية للسائق كانت السبب الرئيسي في فقدانه السيطرة وانحراف المركبة بشكل مفاجئ، مما أجبر الضحايا على موقف لا يمكن التهرب منه، وأظهر الحادث مدى هشاشة السلامة على الطرق ذات الحركة الكثيفة والازدحام الموسمي.
  • المشهد كان مروعًا، إذ وثقت كاميرات مراقبة الحادثة بحيث تظهر أجساد الضحايا تتطاير وتتعرض لعجلات المركبة، مع صرخات استغاثة مؤلمة بين المارة، ما أعطى إيحاء بشدة الفاجعة وتأثيرها النفسي الكبير على الشهود والمجتمع.
  • الحادث تسبب في موجة غضب عارمة على وسائل التواصل الاجتماعي والمجتمع، ومطالبات بتحسين الرقابة على سلوكيات السائقين، وفرض عقوبات أشد، خصوصًا على سائقي المركبات العامة مثل الميكروباصات، لما لها من خطورة على سلامة المواطنين.

كيف يمكن رفع مستوى السلامة المرورية لتحقيق نتائج مماثلة لتلك التي في الدول المتقدمة؟

لرفع مستوى السلامة المرورية لتحقيق نتائج مماثلة لتلك التي حققتها الدول المتقدمة، يجب اعتماد مجموعة شاملة من الإجراءات والاستراتيجيات التي تتناسب مع الظروف المحلية، وفي الوقت ذاته ترتكز على أفضل الممارسات العالمية، وتشمل ما يلي:

  1. تحسين تصميم الطرق والبنية التحتية
  • إنشاء طرق مزودة بحواجز وسطية (حواجز كابلات) تمنع التصادمات المتبادلة مثل نموذج الطرق “2+1” الموجود في السويد، حيث أن السويد حققت انخفاضاً في الحوادث الخطيرة بنسبة تقارب 55% عند تطبيق هذا النموذج على الطرق، ويوضح أن هذا التصميم يعد فعالاً في تحسين السلامة المرورية على الطرق ذات المسارين التي تواجه مشاكل في الحوادث الرأسية (الاصطدامات المباشرة بين الاتجاهين).
  • تطوير ممرات آمنة للمشاة وراكبي الدراجات تفصلهم عن حركة المركبات.
  • تجهيز الطرق بالإضاءة الجيدة، وتحسين علامات الطريق، وإنشاء دوارات للحد من السرعات عند التقاطعات.
  • إضافة حواجز فاصلة منخفضة أو عواكس أرضية مضيئة على طول مناطق عبور المشاة القريبة من الكورنيش.
  • تركيب أعمدة تهدئة السرعة (Speed Cushions) على مداخل المناطق السياحية المزدحمة.
  • توفير معابر مشاة مرتفعة أو جسور عبور في المواقع ذات الحركة السياحية الكثيفة.
  1. تخفيض وفرض السرعة القانونية بشكل صارم
  • تطبيق حدود سرعة مناسبة لطبيعة الطريق مع استخدام كاميرات مراقبة سرعة ثابتة ومتحركة كما في دول مثل السويد والمملكة المتحدة والنرويج.
  • اعتماد حدود سرعة منخفضة (مثل 30 كم/س في المناطق السكنية) لضمان سلامة المشاة وراكبي الدراجات.
  1. استخدام التكنولوجيا الذكية
  • استخدام أنظمة التحكم الذاتي للسرعة والتنبيهات الذكية للسائقين حول المخاطر المحتملة كما في اليابان.
  • استغلال الذكاء الاصطناعي لإدارة حركة المرور ومراقبة مخالفات القيادة.
  1. تعزيز التشريعات والإنفاذ
  • تشديد العقوبات على المخالفين وخاصة مخالفات السرعة والقيادة تحت تأثير الكحول.
  • تطبيق قوانين شاملة للسلامة المرورية تتضمن استخدام حزام الأمان، وضبط درجة تركيز الكحول في الدم، ومنع استخدام الهاتف أثناء القيادة.
  1. التوعية والتثقيف المجتمعي
  • حملات توعية مستمرة تستهدف فئات السائقين والمشاة لرفع الوعي بالمخاطر وأفضل ممارسات السلامة.
  • تدريب المرتبطين بالسلامة المرورية كالسائقين وفرق الإنقاذ.
  1. البحث وجمع البيانات والتحليل
  • إنشاء قواعد بيانات دقيقة ومحدثة لحوادث الطرق لتحليل الأسباب ووضع الخطط الوقائية.
  • استخدام النماذج الإحصائية والتقنيات الحديثة لمراقبة وتقييم فعالية التدابير المتخذة.
  1. الشراكة المؤسسية والتخطيط المتكامل
  • تشكيل لجان وطنية تضم جميع الجهات المعنية لضمان تنسيق الجهود ومتابعة التنفيذ.
  • الاعتماد على خطط استراتيجية طويلة الأمد تستهدف تقليل الحوادث والوفيات بشكل تدريجي ومستدام.

هذه الإجراءات المستمدة من تجارب الدول المتقدمة مثل السويد، اليابان، المملكة المتحدة، وغيرها، أثبتت فعاليتها في تقليل الحوادث والوفيات المرورية بنسب كبيرة، خاصة مع الالتزام الكامل بالتنفيذ والمتابعة المستمرة. كما يمكن للدول النامية تحقيق تقدم ملحوظ عند تبني هذه الأساليب وتكييفها حسب واقعها المحلي مع دعم تقني ومالي مستمر.

المصادر:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *