مقالات المجلة

شخصية العدد 54

م. وليد عطوان

«في هذا العدد من مجلَّتنا، نُسلِّط الضوء على شخصية بارزة تَركَتْ بصمةً متميزة في مجالات السلامة والصحة المهنية، وإدارة المخاطر، إنه المهندس/ وليد منير عطوان، الذي أَسْهم برؤيته الاستراتيجية، وإنجازاته المبهرة في تشكيل مستقبل أكثر أمانًا واستدامة، ومن خلال أدواره المتعدِّدة، وخبراته الواسعة، يُعدُّ عطوان نموذجًا يُحْتذى به في الالتزام بالتميُّز والابتكار، تعرَّفوا معنا على مسيرة هذه الشخصية الاستثنائيَّة التي تجمع بين الشَّغَف بالعمل، والمساهمة المجتمعية».

كلمة مُوجَّهة للمعهد العربي لعلوم السلامة:

يسرُّنـي ويُشَرِّفني أن أُعبِّر عن خالص امتناني وشكري لإدارة مجلة السلامة العربية العريقة، والمعهد العربي لعلوم السلامة، لاختياري كشخصيَّة العدد لهذا الإصدار المتميِّز.

«إنَّ هذا التكريم يعكس الجهود العظيمة التي تبذلها المجلة والمعهد في تسليط الضوء على الشخصيات والخبرات المتميِّزة التي تُسْهم في تعزيز سلوك وثقافة السلامة المهنية في الوطن العربي. ولا يمكننا أن نتجاهل الدور الرِّيادي الذي يلعبه المعهد العربي لعلوم السلامة في بناء منظومة متكاملة تُعزِّز من معايير السلامة والصحة المهنية في مختلف القطاعات، من خلال تقديم برامج تدريبيَّة متميزة، وإصدار محتوى علمي رصين يخدم العاملين والممارسين كافَّة في هذا المجال الحيوي.

لقد أثبتت مجلة السلامة العربية عَبْر السنوات القليلة الماضية أنَّها ليست مجرد وسيلة إعلاميَّة، بل منصَّة معرفية تنقل أفضل الممارسات، وتُحْدث فارقًا ملموسًا في تطوير بيئات العمل الآمنة والمستدامة. إنَّ هذا التكريم هو حافزٌ إضافـي لي ولزملائي في المجال للاستمرار في تقديم الأفضل، والعمل مع هذه المؤسسات الرائدة لتحقيق رؤية مشتركة نحو سلامة شاملة في جميع أنحاء الوطن العربي»

م. وليد منير عطوان

من مواليد مدينة بيت لحم، سنة 1966

عضو في نقابة المهندسين الأردنيين – الشعبة الكيماوية، ورئيس اختصاص في مجالات السلامة والصحة المهنية، وفي مجال تدوير النُّفايات الصلبة، وعضو لجان متعدِّدة في نقابة المهندسين، ومؤسس وأمين سر لجمعيات مهنية كثيرة منذ عام 2010، ومؤسس وعضو اتحاد المدربين العرب، وعضو دائم في جمعية الجودة، وحائز على الجائزة التقديرية في السلامة والصحة المهنية 2008م (أَرْفَع جائزة حكومية في الأردن)، وحائز على شهادة مُدرِّب دولي معتمد  CIPT من إيميديست الأمريكية.

تأثَّرت بالكثير من الخبراء والقادة الذين عملت معهم، والذين أظهروا التزامًا استثنائيًّا بالسلامة المهنية، وأَلْهمونِي بقدرتهم على إحداث تغيير إيجابي من خلال العمل الجاد، والرؤية الاستراتيجية، ولا يَعِيبُني أن أذكر منهم مديري في شركة (لافارج هولسيم)، المهندس/ غسان قناش أبو يالدار، وأخي الحبيب م/ عبد الكريم الكيالي رحمه الله، وسعادة الدكتور/ سامي العمارنة، وعمي عطوفة الدكتور/ أحمد عطوان، وسعادة الدكتور/ طلال مندورة، والمهندس/ محمد علي الزهراني، والمهندس/ علي الشهري، وم/ خليل عطيف من السعودية.

البدايات والمسيرة المهنية:

  • ما الذي أَلْهمكَ لاختيار مجال السلامة والصحة المهنية وإدارة المخاطر؟

اختياري للعمل في مجال السلامة والصحة المهنية وإدارة المخاطر جاء نتيجةً لإيماني العميق بأهمية حماية الأرواح، وضمان بيئات عمل آمنة ومستدامة، فمنذ البداية أدركت أن تحقيق التوازن بين الإنتاجية وسلامة العاملين يُشكِّل أساسًا لأي مجتمع مستدام. لقد كُنْتُ دائمًا أؤمن بأن الوقاية خيرٌ من العلاج، ورأيت في هذا المجال فرصةً لإحداث تأثير حقيقي وإيجابي على حياة الناس، وهو ما دفَعني للتركيز على تطوير سياسات وإجراءات السلامة المهنية في مختلف القطاعات، وإعداد مناهج تدريبية لذلك، والتدريب بأسلوب استثنائي في بعض المواطن.

  • كيف بدأت مسيرتكَ المهنية؟ وما التحديات التي واجهتها في بداياتك؟

بدأت مسيرتـي المهنية بالعمل كمُشْرفٍ في مجال السلامة المهنية في شركة كانت -وما زالت- من كبار الشركات العالمية المهتمَّة بالسلامة والصحة المهنية، وهي شركة: (إسمنت لافارج الأردن)، أو ما يُسمَّى الآن: شركة (إسمنت هولسيم لافارج)؛ حيث كنتُ مسؤولًا عن تطبيق إجراءات السلامة المهنية، والمساعدة في تطوير قواعد بيانات السلامة، وتحسين بيئات العمل، وكانت التحديات في تلك الفترة تتمثَّل في مقاومة التغيير، وضَعْف الوعي بأهمية السلامة المهنية، وأسلوب إدارتها، لكنني واجهت هذه التحديات بالتعليم والتدريب المستمر، والاجتهاد في توفير أفضل السُّبل للوصول إلى التميُّز في الأداء والأعمال، وهو ما دفَعني إلى التركيز على توعية العاملين على المستويات كافَّة حتى الإدارة العليا بأهميَّة الاستثمار في سلامة العاملين لتحقيق عائدٍ إيجابيٍّ، وأتمتَّع الآن -بفضل الله- بمرتبة رئيس اختصاص في مجالات السلامة والصحة المهنية، ورئيس اختصاص في تدوير النُّفايات الصُّلبة.

 

  • ما أبرز إنجازٍ شعرتَ بأنه شكَّل نقطة تحوُّل في حياتكَ المهنية؟

حصولي على جائزة التميُّز التقديرية للسلامة والصحة المهنية للأفراد من الحكومة الأردنية عام 2008، من خلال مؤسسة الضمان الاجتماعي الأردنية كان من أبرز إنجازاتـي التي شكَّلت نقطة تحوُّل كبيرة في مسيرتـي المهنية، وهذا التكريم لم يكن مجرَّد اعتراف بعملي، بل كان دافعًا قويًّا للاستمرار في تطوير نفسي، والمساهمة في رفع مستوى السلامة المهنية على مستوى أوسع، فلي من الكتب المهنية الآن ما يزيد عن سبعة كتب تمَّ طباعتها، وأكثر من ستَّة كتب تعتبر مخطوطةً تحت الطبع أو الإنجاز .

القسم الثانـي: الإنجازات والتحديات:

  • كنتَ أوَّل أخصائي معتمد في تدريب المُدرِّبين في مجالك، كيف ساعدتكَ هذه الخطوة في تعزيز السلامة المهنية في الأردن والمنطقة؟

كانت هذه أوَّل شهادة رسمية صادرة عن هيئة الاعتماد وضبط الجودة في هذا المجال، وكان لي شرف الحصول عليها من بداية تأسيس غايات وبرامج تدريب المُدرِّبين التابع للهيئة التابعة لوزارة العمل الأردنية، رغم حصولي على شهادة ( CIPT) من الإميديست الأمريكية سنة 2010، وكنتُ أحد مُؤسِّسي اتحاد المُدرِّبين العرب في 31 مارس/آذار 2012م، بمساهمة نُخْبة من المُدرِّبين العرب.

وقد أتاحت لي هذه الشهادة كأول أخصائي معتمد في تدريب المُدرِّبين في مجال السلامة والصحة المهنية، الفرصة لبناء شبكة من المدربين المؤهلين الذين نقلوا المعرفة والخبرة إلى أماكن العمل، وهذا الإنجاز ساعدنـي في توسيع دائرة التأثير، حيث تمَّ تدريب الآلاف من المهنيين في الأردن والمنطقة؛ ممَّا أسهم في تعزيز ثقافة السلامة على نطاق أوسع.

 

  • ما أكثر المشاريع أو الإنجازات التي تفتخر بها خلال مسيرتك؟

أفتخر بأنني كنت السبب في تحقيق جائزة التميُّز لشركة (لافارج) في أكثر من سنة، وأنا أعمل فيها، وأفتخر بتأسيس شركتي الخاصة (الهندسية الدولية للاستشارات والتدريب)، التي بدأت بفريق صغير، ونَمَتْ لتضم أكثر من (50 مستشارًا) خلال سنوات العمل العشر هذه، كما أعتزُّ بمساهمتي في مشاريع كبرى؛ مثل:  “Waste to Positive Energy” بالتعاون مع  GIZ؛ حيث تمَّ تطبيق مفاهيم السلامة في تسع بلديات؛ ممَّا أسهم في تحسين بيئة العمل، وحماية العاملين، كذلك بناء المعايير الدولية لمنظومة السلامة والصحة المهنية في كثيرٍ من الشركات الأردنية والعربية.

وأزداد شعورًا بالسعادة كلما ذكرت مشروع إعداد مناهج التدريب الخاصة بالسلامة والصحة المهنية من خلال مشروع لـ JORDN – USAID، وبإشراف WORK FORSE PROJECT ))؛ إذ أعددتُ أنا وأحد إخواني من المهندسين: م/ عبد الكريم الكيالي -رحمه الله تعالى- مجموعة أدلَّة من الكتب تمَّ اعتمادها كمنهاج لتأهيل مشرفي السلامة والصحة المهنية في الأردن.

 

  • كيف ساعدتكَ خبرتكَ كمقيمٍ معتمد لجائزة التميُّز لدى الوكالة الدولية للسلامة والطوارئ في تطوير معايير الجودة؟

عملي كمقيم معتمد لجائزة التميُّز منحَني فرصة فريدة لتحليل الأنظمة وتقييم الأداء وَفْقًا لمعايير دقيقة، وهذا الدور مكَّنني من تطوير توصيات عملية لتحسين الأداء، وتعزيز الكفاءة؛ ممَّا ساعَد الشركات والمؤسسات على تحقيق أهدافها بفعالية.. إنَّ التمكُّن من تحليل الأنظمة الموجودة، وتحديد الفجوات لكثيرٍ من الشركات والمؤسسات القائمة ساعَده على تطوير استراتيجيات فعَّالة لتحسين معايير السلامة والجودة فيها، رغم أنَّني أدعو جميع المؤسسات والمكاتب الهندسية الاستشارية بالذات إلى بناء معايير الجودة في السلامة المهنية لديها؛ مثل:  ISO 45001:2018، والذي يُوَازيه المواصفة الأردنية رقم JS 2247-2020، وكان لي شرف المشاركة في إعدادها أيضًا على المستوى الوطني.

القسم الثالث: دورك القيادي والمجتمعي:

  • كونكَ مؤسسًا لعددٍ من الجمعيات والملتقيات، كيف ترى دوركَ في تعزيز التعاون الإقليمي والدولي؟

تأسيس الجمعيَّات والملتقيات (مثل: الجمعية العربية للسلامة والصحة المهنية، والملتقى العربي لإدارة مخاطر الأزمات)– كان بدافع تعزيز التعاون الإقليمي، وتبادل الخبرات، وأؤمن بأنَّ العمل الجماعي هو أساس تحقيق التطوير المستدام، وهذه المنصَّات تتيح فرصةً للخبراء من مختلف الدول للعمل معًا لحلِّ التحديات المشتركة، كذلك مشاركاتنا من خلال لجنة إدارة مخاطر الأزمات والكوارث في كثيرٍ من المحافل والمنتديات، وكعضو في جمعية سلامة العمليات الكيماوية، ولجنة إدارة تحرير مجلة الكيميائي الأردني العربي، يجعل علينا مسؤوليات كبرى تُجَاه أنفسنا وزملائنا، وقبل كل ذلك وطننا العربي الكبير، وقد يقودنا هذا إلى الدافع الرئيس الكبير، وهو الهدف المستقبلي الذي أسعى له، وهو بناء منصَّة تجمع الخبراء العرب العاملين والمتقاعدين من أجهزة الحماية المدنية؛ لمناقشة استراتيجيات إدارة المخاطر، وتطوير حلول شاملة للكوارث وغيرها.

 

  • ما الدافع الرئيس خلف تأسيس الملتقى العربي لإدارة مخاطر الأزمات والكوارث؟

الدافع الرئيس هو الحاجة إلى إنشاء منصَّة شاملة تجمع الخبراء في مجال إدارة مخاطر الأزمات والكوارث لتبادل المعرفة، ووَضْع استراتيجيات فعَّالة لمواجهة التحديات، وهذا الملتقى يُمثِّل خطوةً نحو تعزيز الجاهزيَّة والتنسيق على المستوى الإقليمي العربي، وهو -بإذن الله- سينطلق قريبًا بدءًا بالخبراء من الأردن، والسعودية، ومصر العروبة، والإمارات العربية، والعراق، وشخصيات مهمَّة من قطر، والبحرين، والكويت، وعُمَان الخير، ومن الشقيقة لبنان.

 

  • كيف أسهمت في تطوير مناهج تدريب السلامة المهنية بالتعاون مع المنظمات الدولية؟

من خلال شَرَاكاتـي مع منظمات؛ مثل:  USAID وGIZ، قُمْتُ بإعداد مناهج تدريبية متقدمة تُسْتخدم الآن كمرجعٍ رئيسٍ لتدريب العاملين في السلامة المهنية، وهذه المناهج تُركِّز على تقديم محتوى عملي يُلبِّي احتياجات سوق العمل، ويُعزِّز من كفاءة العاملين.

ولدينا رغبة الآن بعد أن أصبح لدينا الخبرات في بناء منظومة التدريب باستخدام معايير (الديكام) و(البلم)، ومَزْجهما بمعايير الإدارة الرشيقة، ومتطلبات الاستدامة، ومعايير التعليم والتدريب المهني للعاملين- لدينا الرغبة في إعداد مناهج تدريبية في كثيرٍ من القطاعات، خاصةً قطاع إدارة وتدوير النُّفايات الصُّلبة والخطرة، وقطاع العاملين على الآليَّات الثقيلة، والروافع بأشكالها، ثم قطاع المنسوجات، وغيرها من القطاعات العاملة ميدانيًّا ومهنيًّا.

القسم الرابع: المستقبل والتطلعات:

  • ما رؤيتكَ لمستقبل السلامة والصحة المهنية في العالم العربي؟

أرَى أن المستقبل يتطلَّب تعزيز ثقافة السلامة من خلال التعليم المستمر، واعتماد التكنولوجيا الحديثة، والابتكار في إدارة السلامة المهنية، مع التَّركيز على تدريب الكوادر المحلية، وتأهيلها، ورَفْع قدرات العاملين فيها؛ لتكون قادرةً على مواجهة تحديات العصر. والسلامة يجب أن تصبح جزءًا أساسيًّا من ثقافة العمل في جميع المؤسسات، وبالذات لدى أعلى الإدارات في المنشآت، وأصحاب الأعمال بالذات.

ولي أُمْنيَّة، وهي أنَّ على الجهات المانحة -محليةً كانت أم دوليةً-  أن تسعى للدعم الحقيقي في تيسير وصول المعدَّات والأجهزة والتكنولوجيا المتميِّزة في خَلْق وصُنْع العقلية الابتكارية المستقبلية للأمة من خلال إيجاد مختبرات متخصصة تُحَاكي الواقع الافتراضي للأعمال، أو الواقع المُعزِّز لمواقع العمل.

وردًّا على سؤالكم الكريم بخصوص الوضع الحالي للسلامة والصحة المهنية في الوطن العربي، فإنَّك تجد هناك ما يُسمَّى بـ (التطور الإيجابي) مثل الذي نراه في بعض الدول العربية؛ مثل: الإمارات العربية المتحدة، وقطر، والسعودية؛ إذ بدأت تأخذ زمام المبادرة في تطبيق معايير دولية للسلامة والصحة المهنية في كلِّ جوانب عملها، وأوَّلها الحكومية منها، فاهتمَّت بالبَرامج التدريبية، والشهادات المعتمدة، وأصبحت الأكثر شيوعًا؛ ممَّا يُعزِّز من كفاءة الكوادر المحليَّة، كما زاد استثمارها في البنية التحتية للسلامة، خاصةً في القطاعات الحيوية؛ مثل: النفط، والغاز، والبناء.

أمَّا عند الحديث عن التحديات، فتجد في بعض الدول غيابًا للتشريعات المُلْزمة لمعايير السلامة، أو تجد ضعفًا في تطبيقها، بل تجد أيضًا نقصًا حادًّا في الكوادر المؤهَّلة والمدرَّبة بشكل كافٍ، خاصةً في الوزارات الحكومية أولًا، ثم الصناعات الصغيرة والمتوسطة، كما تجد ضعف الثقافة العامة للسلامة في بيئات العمل التقليدية، حيث لا تُعْتبر أولويَّةً لدى بعض المسؤولين، أو الشركات، غير الذي تراه من قلَّة الاستثمارات في التكنولوجيا الحديثة التي تُعزِّز وتبني ثقافة وسلوك وممارسات السلامة الفعَّالة.

وهنا أرى أن أهمَّ خطوة هي تعزيز ثقافة السلامة لتصبح جزءًا من الهُويَّة المؤسسية والمجتمعية، وهذا يتطلَّب برامج تعليمية تبدأ من المدارس، وتمتدُّ إلى أماكن العمل، وأمَّا القيادة العليا، فيجب أن تكون هي القدوة في الالتزام بمعايير السلامة؛ ممَّا يخلق بيئةً تشجع على الالتزام من القاعدة إلى القمة.

 

  • ما النَّصائح التي تُقدِّمها للشباب الذين يطمحون للعمل في هذا المجال؟

أنصح الشباب بالتَّركيز على التعليم المستمر، والحصول على الشهادات المعتمدة في مجالات السلامة والصحة المهنية، ففُرَصُ العمل فيها جيِّدة، مع السعي لاكتساب الخبرة العملية من خلال البحث عن فرصٍ للتدريب الميدانـي، وتطبيق المعرفة، والأهم أيضًا هو أن يتحلَّى الراغبون في العمل بهذا الميدان بالشَّغف والرغبة الحقيقية في إحداث فَرقٍ إيجابيٍّ.

وأقول بشكل عامٍّ: إنَّ التكنولوجيا الحديثة (مثل: الذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء (IoT)، والواقع الافتراضي، والهندسة العكسية) يمكن أن تلعب دورًا حيويًّا في تحسين أنظمة السلامة، وتقديم تدريب تفاعلي وفعال، وأنَّ على الحكومات العربية تشجيع الابتكار والاستثمار في تقنيات السلامة -خاصةً في القطاعات ذات المخاطر العالية- بشفافية ومسؤولية، كما يجب أن تتَّسع رؤية السلامة لتشمل جميع الفئات، بما في ذلك ذوو الاحتياجات الخاصة؛ لتوفير بيئات عمل آمنة وشاملة للجميع، ولا ننسى أن تكون الاستدامة البيئية جزءًا لا يتجزَّأ من منظومة السلامة، حيث إنَّ حماية البيئة مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالصحة والسلامة المهنية.

 

  • كيف تخطط لتطوير مشاريعكَ المستقبلية؟ وما المجالات التي تودُّ التركيز عليها؟

أُخطِّط لاستثمار خبراتـي في توسيع نطاق عملي ليشمل أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي في السلامة والصحة المهنية، بهدف تطوير أنظمة ذكيَّة قادرة على تحليل المخاطر، وتقديم حلول فورية، كما أهدف إلى تعزيز برامج السلامة في القطاعات الناشئة؛ مثل: التكنولوجيا، والطاقة المتجددة، والبُنَى التحتية، مع التركيز على بناء مُخْتبرات تعتمد على الواقع الافتراضي، والمعزز لتوفير بيئات تدريبيَّة تفاعلية تُسْهم في سدِّ الفجوات الحالية.

علاوةً على ذلك، لديَّ رؤية طموحة لإنتاج منظومة متكاملة تَدْعم ذوي الاحتياجات الخاصة، وتُؤهِّلهم ليكونوا قادةً في ميادين السلامة والصحة المهنية، وإدارة مخاطر الكوارث، كذلك توفير وسائل الدعم النفسي الأوَّلي للعاملين المتأثرين بالأزمات والكوارث، وهذه المبادرة إنْ حصلت على الدعم والتمويل اللازمين، ستُحْدث نقلةً نوعيةً في تمكين هذه الفئات، ودعم دمجها بشكلٍ فعالٍ في الحياة وسوق العمل، وأدعو الله أن يُوفِّقني لتحقيق هذه الأهداف التي أؤمن بقدرتها على تحسين المجتمعات، وتعزيز الاستدامة فيه.

لقد رأيتُ بنفسي كيف أنَّ تطبيق أنظمة السلامة المحترفة أدَّى إلى تقليل الحوادث بشكل كبير، وزيادة رضا العاملين وإنتاجيَّتهم، وأمَّا على المستوى العربي، فأنا أشعر بالأمل أن الوعي بأهميَّة السلامة آخذٌ في الازدياد، لكن الطريق لا يزال طويلًا لتحقيق التكامل والشمولية.

«في نهاية هذا اللقاء المميز، نودُّ أن نُعبِّر عن شُكْرنا العميق للمهندس/ وليد منير عطوان، رئيس هيئة مديري الشركة الهندسية الدولية للاستشارات والتدريب في الأردن على مشاركته القيِّمة، وأفكاره المُلْهمة، ونأمل أن تكون تجربته مصدرَ إلهامٍ لكل مَنْ يسعى للتميُّز في مجالات السلامة والصحة المهنية وإدارة المخاطر».

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *