مقالات المجلة

ملف العدد 2 : سلامة وإستدامة المباني المدرسية

كيف نحافظ على سلامة المباني المدرسية لضمان استدامة المدارس؟

تُعتَبر سلامة واستدامة المباني المدرسية من الأولويات القصوى لضمان بيئة تعليمية صحية وآمنة تُمكِّن الطلاب من التعلُّم والنمو، ومع تزايد الوعي بأهمية البيئة المبنية في تحقيق الاستدامة والحفاظ على الصحة العامَّة، أصبحت المدارس مطالبةً بتبنِّي نهج شامل يجمع بين المعايير الهندسية الصارمة، والممارسات البيئيَّة المستدامة.

وتُعدُّ المباني المدرسية بيئة ديناميكية تتفاعل مع عدد كبير من الطلاب والمُعلِّمين يوميًّا؛ ممَّا يتطلب اتخاذ إجراءات وقائية، وصيانة دورية لضمان سلامة الهيكل والبنية التحتية، بالإضافة إلى ذلك يتطلَّب تحقيق الاستدامة في المباني المدرسية استخدام مواد بناء صديقة للبيئة، وتنفيذ استراتيجيات كفاءة الطاقة، وتوفير مساحات تعليمية تتَّسم بالمرونة والقابلية للتكيُّف مع التغيرات المستقبلية.

إنَّ تحقيق هذه الأهداف يتطلَّب التعاون بين المهندسين المعماريين، والمهندسين المدنيين، والإداريين، والمُعلِّمين، وأولياء الأمور، لتوفير بيئة تعليمية تُسْهم في تعزيز جودة التعليم، والحفاظ على صحة وسلامة الطلاب، وفي هذا السياق يصبح التركيز على المخاطر المحتملة (مثل: المواد الخطرة؛ كالأسبستوس) أمرًا بالغ الأهمية؛ حيث يجب التعامل معها بفعالية لضمان عدم تأثيرها السلبي على الصحة العامة.

ومن خلال الالتزام بمعايير السلامة والاستدامة، يمكن للمباني المدرسية أن تصبح نموذجًا يُحتَذى به في توفير بيئة تعليمية آمنة ومستدامة تدعم التحصيل الأكاديمي، وتُسْهم في بناء مجتمع أكثر وعيًا واستدامةً.

كيف نحافظ على سلامة المبانـي المدرسية؟

ضمان سلامة المباني المدرسية واستدامتها يتطلَّب نهجًا شاملًا يُركِّز على التخطيط الجيِّد، والصيانة المستمرة، والتحديثات المنتظمة، وفيما يلي بعض النِّقاط الأساسية لتحقيق ذلك:

التخطيط والتصميم:

  • اختيار المواقع المناسبة: التأكُّد من أن المباني تُقَام في مواقع آمنة ومستقرة، بعيدة عن مناطق الكوارث الطبيعية المحتملة.
  • تصميم مبانٍ مرنة: تصميم المباني لتكون مرنةً وقادرةً على التكيف مع التغيرات المستقبلية في الاحتياجات التعليمية والسكانية.
  • استخدام مواد بناء مستدامة: اختيار مواد بناء مستدامة وصديقة للبيئة تُقلِّل من التأثير البيئي، وتضمن المتانة.

الصيانة الدورية:

  • الفحص الدوري: إجراء فحوصات دورية للبنية التحتية للتأكُّد من عدم وجود تصدُّعات أو مشاكل هيكليَّة.
  • إصلاح الأضرار: معالجة أي أضرار هيكلية، أو صيانة الأجهزة والمُعدَّات فور اكتشافها لتجنُّب تفاقم المشاكل.
  • إدارة الطاقة: تحسين كفاءة استخدام الطاقة في المبانـي من خلال تقنيات الإضاءة والتدفئة والتهوية والتكييف المستدامة.

التحديثات والتجديدات:

  • تحديث البنية التحتية: الاستثمار في تجديد وتحديث البنية التحتيَّة القديمة لضمان السلامة والكفاءة.
  • التقنيات الحديثة: استخدام التقنيات الحديثة في البناء والتشغيل (مثل: أنظمة الإدارة الذكية للمبانـي) لتحسين الأداء والكفاءة.

إجراءات الأمان والسلامة:

  • أنظمة الإنذار والإطفاء: تركيب وصيانة أنظمة إنذار الحريق، وأجهزة الإطفاء.
  • كاميرات مراقبة:  كاميرات المراقبة تعتبر أداةً فعالة لتعزيز الأمن والسلامة في المدارس؛ ممَّا يُسْهم في توفير بيئة تعليمية آمنة ومُحفِّزة للطلاب والمعلمين على حدٍّ سواء.
  • خطط الإخلاء: وَضْع وتدريب الطلاب والموظفين على خطط الإخلاء في حالات الطوارئ.
  • التهوية الجيدة: ضمان تهوية جيِّدة في جميع الأماكن الداخلية لمنع تراكم الرطوبة، وتقليل مخاطر العفن.

ما إجراءات السلامة للتعامل مع المدارس التي يوجد بها الأسبستوس؟

تُعتَبر مادة الأسبستوس من المواد التي كانت تُسْتخدم بشكل واسع في البناء والتشييد حتى تمَّ اكتشاف مخاطرها الصحية الخطيرة، ويتمُّ تنظيم إدارة الأسبستوس في المدارس من قِبَلِ السلطة التنفيذية للسلامة (HSE)، وإذا كان هناك مدارس تحتوي على الأسبستوس، فإن التعامل مع هذه المادة يتطلب إجراءات صارمة لضمان سلامة الطلاب والموظفين. 

مخاطر الأسبستوس (Asbestos):

الأسبستوس هو مادة كانت تستخدم بشكل واسع في البناء حتى السبعينيات؛ نظرًا لمقاومتها للحرارة والمتانة، ومع ذلك تبيَّن لاحقًا أن الأسبستوس يشكل خطرًا صحيًّا كبيرًا؛ إذ يتسبَّب في أمراض خطيرة؛ مثل: السرطان، وأمراض الرئة عند استنشاق أليافه.

المخاطر الصحية للأسبستوس:

  • الأمراض التنفسيَّة: استنشاق ألياف الأسبستوس يمكن أن يؤدِّي إلى أمراض تنفسية خطيرة؛ مثل: الأسبستوسوس، وهو تليُّف رئوي، والسرطان بما في ذلك سرطان الرئة، وورم المتوسطة الجنبي.
  • الأمراض السرطانية: يمكن أن يؤدِّي التعرض الطويل للأسبستوس إلى أنواع متعددة من السرطانات.

إجراءات السلامة للتعامل مع الأسبستوس:

  • التقييم والتفتيش: إجراء تقييمات دورية للمباني لتحديد وجود الأسبستوس، وخاصةً في المباني القديمة، وتنفيذ فحوصات دورية للتأكُّد من أن الأسبستوس لا يُشكِّل خطرًا على الصحة.
  • إزالة الأسبستوس بأمان: إذا تمَّ اكتشاف الأسبستوس، يجب إزالته بأمان بواسطة محترفين ومتخصصين في إزالة الأسبستوس وَفْقًا للوائح الصحية، وعزل المناطق المتضررة أثناء عمليات الإزالة لضمان عدم انتشار الألياف في الهواء.
  • التوعية والتدريب: توعية المُوظَّفين والطلاب حول مخاطر الأسبستوس، والإجراءات المتبعة لضمان السلامة، وتدريب العاملين على كيفيَّة التعامل معه بأمانٍ.
  • التهوية الجيدة: ضمان تهوية جيِّدة في الأماكن التي قد تحتوي على الأسبستوس لمنع تراكم الألياف في الهواء.
  • الصيانة المستمرَّة: تنفيذ برامج صيانة دورية للمبانـي لضمان عدم تعرُّض الأسبستوس للتلف.
  • الرصد المستمر: مراقبة مستويات الأسبستوس في الهواء بانتظام للتأكُّد من عدم وجود خطرٍ على الصحة.
  • خطة طوارئ: تطوير خطة طوارئ للتعامل مع أي حادث يتضمن الأسبستوس بما في ذلك إجراءات الإخلاء، والإبلاغ، وعمل تدريبات دورية على خطة الطوارئ.
  • الالتزام بالمعايير: التأكُّد من أن جميع إجراءات التعامل مع الأسبستوس تتوافق مع القوانين واللوائح المحلية والدولية الخاصة بالسلامة والصحة المهنية.

استدامة المبانـي المدرسيَّة في ظلِّ تغيُّر المناخ وارتفاع الحرارة:

تغيُّر المناخ وارتفاع درجات الحرارة يُمثِّلان تحديات كبيرة للمباني المدرسية؛ ممَّا يجعل تبنِّي استراتيجيات الاستدامة أمرًا ضروريًّا للحفاظ على بيئة تعليمية وصحية، وهذه الاستراتيجيات تتطلب التفكير في كيفيَّة تصميم وتشغيل المباني للتكيف مع الظروف المناخيَّة المتغيرة، وتقليل الأثر البيئي، ومن استراتيجيات تغيُّر المناخ والاستدامة: تقييم الانبعاثات والمخاطر التي تتعرض لها المدارس بسبب تأثير تغيُّر المناخ؛ مثل: الفيضانات وارتفاع درجات الحرارة. 

إجراءات السلامة لتعزيز الاستدامة للمبانـي:

التصميم المناخي:

  • التصميم المناخي السلبي: استخدام تقنيات التَّصميم السلبي؛ مثل: الاتجاه المناسب للمبنى؛ للاستفادة من التهوية الطبيعية، وتظليل الأسطح والجدران لتقليل الحمل الحراري.
  • استخدام المواد العازلة: اختيار مواد بناء عازلة للحرارة تساعد في الحفاظ على درجات الحرارة الداخلية مستقرة، وتقليل الحاجة للتكييف.

تقنيات التبريد المستدامة:

  • التبريد الطبيعي: تصميم المبانـي بطرق تسمح بمرور الهواء الطبيعي؛ مثل: الفتحات الكبيرة، والنوافذ التي يمكن فتحها لتشجيع تدفُّق الهواء.
  • التكييف الكفء: استخدام أنظمة تكييف ذات كفاءة عالية في استهلاك الطاقة، بالإضافة إلى استخدام تقنيات التبريد التبخيري، وتقنيات التبريد بالماء.

مواد البناء المستدامة:

  • استخدام مواد بناء مستدامة: اختيار مواد بناء محلية، ومُعَاد تدويرها، وصديقة للبيئة.
  • الأسقف العاكسة: استخدام مواد عاكسة للحرارة في الأسقف لتقليل امتصاص الحرارة.
  • يجب تصميم جميع المباني المدرسية الجديدة لتكون خاليةً من الكربون، ومُصمَّمة لزيادة درجة الحرارة بمقدار (20 درجة مئوية)، ومرنة لارتفاع درجة الحرارة بمقدار (40 درجة مئوية).

التشجير والمساحات الخضراء:

  • التشجير: زراعة الأشجار حول المباني لتوفير الظِّل، وتقليل تأثير الحرارة على المباني.
  • الأسطح الخضراء: إنشاء أسطح خضراء على المباني لتحسين العزل الحراري، وتقليل تأثير الحرارة الحضرية.

الطاقة المتجددة:

  • الطاقة الشمسية: تركيب ألواح شمسية لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية؛ ممَّا يُقلِّل الاعتماد على الشبكة الكهربائية، ويخفض الانبعاثات الكربونية.
  • أنظمة تخزين الطاقة: استخدام بطاريات لتخزين الطاقة المتجددة الزائدة لاستخدامها في أوقات الحاجة؛ ممَّا يُعزِّز استقرار الطاقة.

إدارة المياه:

  • جَمْع مياه الأمطار: تركيب أنظمة لجَمْع مياه الأمطار، واستخدامها في الري والتنظيف؛ مما يقلل الاعتماد على مصادر المياه التقليدية.
  • تقنيات توفير المياه: تركيب أجهزة توفير المياه؛ مثل: الصنابير، والمراحيض منخفضة التدفق.

التوعية والتعليم:

  • التعليم المناخي: دمج مفاهيم تغيُّر المناخ والاستدامة في المناهج الدراسية لتوعية الطلاب بأهمية الحفاظ على البيئة.
  • مشاركة المجتمع: إشراك المجتمع المحلي وأولياء الأمور في مبادرات الاستدامة والمشاريع البيئية.

الصيانة والتحديثات:

  • الصيانة الدورية: تنفيذ برامج صيانة وقائيَّة منتظمة للحفاظ على كفاءة الأنظمة والتجهيزات.
  • التحديثات المستمرة: تحديث الأنظمة والتجهيزات القديمة بتقنيات جديدة أكثر كفاءة واستدامة.

الخاتمة:

إنَّ استدامة المباني المدرسية في ظلِّ تغير المناخ وارتفاع الحرارة تتطلب نهجًا شاملًا يدمج بين التصميم الذكي واستخدام التقنيات الحديثة، والتوعية المستمرة، ومن خلال تبنِّي هذه الاستراتيجيات يمكن للمدارس توفير بيئة تعليمية مريحة وصحية مع تقليل الأثر البيئي، وتعزيز الاستدامة على المدى الطويل.

موضوعات ذات صلة

2 تعليقات على “ملف العدد 2 : سلامة وإستدامة المباني المدرسية

  1. يقول temp mail:

    There is definately a lot to find out about this subject. I like all the points you made

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *