لشهر رمضان نظام غذائي ومعيشي خاص، وله طقوس وأسلوب حياة مُعيَّن لدى المسلمين والمقيمين في الدول الإسلامية حول العالم, حيث يمتنع الشخص عن كلِّ أنواع الطعام والشراب من الفجر وحتى أذان المغرب، كما هو معروف, كما تخفُّ ساعات النوم ليلًا بشكل خاص، وخلال اليوم بشكلٍ عامٍّ.
ويمكن أن يؤدِّي نقص الطعام أو الماء في الجسم إلى مجموعةٍ من الأعراض؛ منها: الجفاف المتمثِّل في (العطش الشَّديد – قلَّة التبوُّل – الإعياء – دوخة وتشويش)، وأيضًا من الأعراض: التعب والإجهاد؛ حيث يُلَاحظ ذلك من خلال الشُّعور بالوهن المستمر، ونقص الطاقة، وتأثُّر حاسَّة البصر, والتعب بسهولة مع الحدِّ الأدنى من النشاط البدنـيِّ، مع قلَّة التَّركيز بسبب انخفاض مستويات السكر في الدم.
وفـي الإطار المهنيِّ، يمكن أن تؤدِّي الأعراض السابقة ببعض المهن؛ مثل: (قطاعات البناء، والزراعة، والصناعات التحويليَّة)، وكذلك في بيئات العمل ذات الحرارة المرتفعة؛ مثل: (الأفران، أماكن تحضير الطعام والحلويات، مصانع صهر المعادن)، ولدى سائقي الشَّاحنات والتوصيل- إلى وقوع الحوادث والإصابات المهنيَّة.
وفيما يلي بعض الإجراءات الوقائيَّة التي يجب على أصحاب العمل اتِّباعها للوقاية من وقوع الحوادث في أماكن عملهم أثناء الصِّيام:
- قياس درجة الحرارة والرُّطوبة النِّسبيَّة في مكان العمل، والحرص على أن تكون ضمن الحدود المسموح بها لتحقيق الرَّاحة التامَّة Thermal Comfort Zone، ولتجنُّب الإجهاد الحراري.
- توعية العالمين بمخاطر العمل تحت أشعَّة الشمس، وفي البيئات الحارَّة، وطرق الوقاية المُتَّبعة، وكذلك يجب أن يشعر المُوظَّفون بالقدرة على التحدُّث عن أيَّة آثارٍ سلبيةٍ ناتجةٍ عن الصيام والعمل.
- أداء الأعمال الَّتي تتطلَّب جهدًا بدنيًّا في الصباح الباكر، حيث يكون العاملون يقظين ونشيطين، وتأخير الأعمال الرُّوتينية إلى آخر نوبةٍ في العمل.
- توفير مُعدَّات الوقاية الشخصيَّة من قُبَّعات، وقُفَّازات حرارية، وملابس عمل بألوان زاهية تغطي كامل الجسد، ولا تمتصُّ الحرارة.
- توفير مياه باردة لغسل الوجه، وترطيب الجسم أثناء العمل، بالإضافة إلى التهوية المناسبة.
- مَنْع العمل داخل الخزَّانات والأماكن المغلقة وشبه المغلقة في أوقات ارتفاع درجات الحرارة في منتصف النهار؛ بل يجب أداء الأعمال في هذه الأماكن في أوقاتٍ؛ مثل: الصباح الباكر، أو بعد الظهر إنْ أمكن.
- تقليل مُدَّة نوبة العمل، والبدء باكرًا ما أمكن، وكذلك تنظيم وقت العمل تحت أشعَّة الشمس، وفي المناطق الخارجيَّة، بحيث لا يُسمَح بالعمل لأكثر من ساعتين متواصلتين، مع توفير أماكن للراحة ذات تهويةٍ مناسبةٍ.
- الانتباه إلى سنِّ العاملين، حيث إنَّ العاملين كبار السِّنِّ أكثر تأثرًا بالصِّيام والعمل تحت درجات الحرارة العالية، فينبغي تبديل المهام مع مَنْ هم أصغر سنًّا.
- توفير الدَّعم الطبي، حيث يُنْصَح باتِّخاذ التَّرتيبات المناسبة للإسعافات الأوليَّة في حالات الطوارئ، وكذلك الإشراف المناسب على جميع المُوظَّفين، وتجنُّب العمل الفردي، والتأكُّد من أنَّ الموظفين يستريحون في الداخل خلال الجزء الأكثر سخونةً من اليوم.
أمَّا بالنِّسبة للعاملين، فيجب القيام بالتالي:
- تأخير تناول وجبة السحور في أقرب وقت ممكن من الفجر للحفاظ على مستويات الطاقة طوال اليوم.
- تناول وجبة سحور صحيَّة تحتوي على الألياف (خضار – فواكه – حبوب الشُّوفان والقمح والشعير – تمر – حلاوة ومشتقَّات الحليب).
- عند الإفطار، تجنَّب الكافيين (يُسبِّب كثرة التبوُّل لدى بعض الأشخاص)، والمشروبات السكريَّة، والمُسلِّيات المالحة، ويُوصَى بتناول ثلاث لترات على الأقل من السَّوائل بين الإفطار والسحور.
- النوم الكافـي لسبع ساعاتٍ على الأقل كلَّ ليلة.
- إخبار المشرفين في العمل عن أيِّ حالات مَرَضيَّة يعانون منها، أو أدوية يتناولونها؛ خوفًا من تفاقم حالتهم الصحية أثناء الصيام، وانعكاس ذلك على وقوع الحوادث
- تجنب أشعَّة الشمس الحارَّة والحرارة الزائدة من المُعدَّات والآلات والأفران، ويجوز للعامل في حالة الضرورة تبريد جسمه بالماء، وذلك برشِّ الماء على الملابس والجلد
- تجنب الاستراحة في أماكن خطرة؛ مثل: النوم تحت المُعدَّات الثقيلة والآلات، وفوق السقَّالات، وبين صناديق البضائع في المستودعات، وتحت الطَّاولات.
- تجنب الانفعال والتسرُّع، وذلك ممَّا يساعد العامل على اتِّخاذ قراراتٍ سليمةٍ، ويمنع وقوع حوادث العمل.
- استنشاق الغبار يؤدِّي إلى جفاف المرِّيء والمعدة والمستقيم, وفي ذلك خطرٌ كبيرٌ على صحة العامل وسلامته؛ لذا عليه الانتباه لضرورة استعمال الكمامة الواقية المناسبة التي يُوفِّرها صاحب العمل له، وعلى الدوام.
ختامًا، ينبغي لأصحاب العمل تقييم المخاطر المتعلِّقة بمكان العمل قبل وأثناء الشهر الفضيل، واقتراح طرق السَّيطرة المناسبة حسَب طبيعة كلِّ مهنة ومهامِّها، بالإضافة إلى الانتباه لجنس وعمر وحالة العاملين الصحيَّة والبدنيَّة.
أمَّا العاملون، فيجب عليهم الاهتمام بنوعيَّة وكميَّة الطعام والسوائل التي يتناولونها خلال وجبتي الإفطار والسحور، مع أَخْذ قسطٍ كافٍ من النوم، أقلُّه سبع ساعات يوميًّا.