مقدمة:
لا تقتصر الإسعافات الأوليَّة على تأمين التنفُّس الاصطناعي، أو تضميد جُرْح، أو نَقْل مُصَابٍ إلى المستشفى، وتعني الإسعافات الأوليَّة أن تُمْسِكَ يد أحدهم، وتُطَمئن الخائفين، وتقدم شيئًا من ذاتك.
ففي النزاعات المُسلَّحة وغيرها من حالات العنف، يتحمَّل المُسْعفون خطر أن يلحق بهم الأذى بسبب تبادل إطلاق النار، أو بسبب مبنًى ينهار، أو سيارة تحترق، أو أنقاض مبانٍ متداعية، أو غازات مُسِيلة للدموع، فهم يَمضون قُدُمًا لمساعدة الجرحى، بينما تكون ردَّة الفعل الطبيعية هي الهروب في الاتجاه المعاكس.
ويمكن القول: إنَّ تقديم الإسعافات الأولية هو امتحان للذات، ذلك أنه ما من أحدٍ يستطيع أن يخرج سالمًا من هذا اللقاء الحميم مع الآخرين أثناء الأزمات، وصحيح أنَّ للمُسْعفين تجارب غنيَّة، لكن عليهم في بعض الأحيان مواجهة اليأس خاصةً حتى يتلاشى نَفَسُ الحياة التي سَعَوْا لإنقاذها بالرغم من جميع جهودهم، وكل مهاراتهم، ويُبْـرز عاملو الإسعافات الأوليَّة إنسانيَّتهم بكل ما تَحمِلُهُ هذه الكلمة من معنًى من خلال التزامهم وتَفَانيهم وقبولهم بتعريض أنفسهم لضررٍ جسديٍّ، أو نفسيٍّ محتملٍ.
حقًّا، إننا مَدِينون لهم بالكثير، خاصةً أنهم – غالبًا – ما يُنْجزون عملهم بعيدًا عن الأضواء، وبدون البحث عن الشهرة، بل سَاعِينَ فقط إلى مساعدة الآخرين، فيضيفون بذلك معنًى إضافيًّا لحياتهم.
تعلُّم الإسعافات الأولية:
من الأهميَّة بمكان في وقتنا الحالي تعلُّم أهم إجراءات الإسعافات الأوليَّة وتعليمها لعامَّة الناس، وألَّا يتوقَّف هذا الدور عند العاملين فقط بمرفق الإسعاف، فقد يتعرَّض الإنسان لظروف ومواقف صعبة تفرض نفسها فجأةً ودون سابق إنذارٍ، وعندما يمتلك الإنسان المعرفة والدِّراية بكيفية التصرُّف في مثل هذه الظروف والمواقف، فإنَّ ذلك قد يُنْقذ حياة إنسان، تلك الحياة التي لا تُقدَّر بثمن.
إنَّ الإسعافات الأوليَّة هي الرعاية والعناية الأولية والعاجلة التي يتلقَّاها الشخص المُصَاب نتيجة لتعرُّضه المفاجئ لحالة صحية طارئة.
وتُعتَبر الإسعافات الأوليَّة واحدةً من أهم النشاطات والإجراءات المهمة وقت النزاعات المُسلَّحة، حيث يبقى الشاغل الأول دائمًا هو سلامة الأفراد، وإنقاذ حياتهم، وتقديم المساعدة إلى المُصَابين، ونستعرض سويًّا خلال هذا المقال أهمَّ الإسعافات الأوليَّة لإصابات النزاعات المُسلَّحة.
أهمية الإسعافات الأولية:
تتمثَّل أهمية الإسعافات الأولية فيما يلي:
- إنقاذ حياة الشخص المصاب، وإزالة خطر الموت عنه، خاصةً في تلك الحالات التي تَسْتدعي تدخلًا عاجلًا، وسريعًا، وعاجلًا.
- تجنُّب حدوث أي مضاعفات خطيرة للشخص المصاب، وإبعاد الضرر عنه قَدْر المستطاع لحين وصول فريق الإنقاذ الطبي، أو نَقْله لأقرب مركز طبي، وتقديم الرعاية الطبية له.
- تقديم الدعم النفسي والمعنوي للشخص المصاب، وتشجيعه على تحمُّل الألم.
الإسعافات الأولية في إصابات الحروب:
- وَضْع المُصَاب:
-
- يجب الحفاظ على المصاب بإبقائه ثابتًا قدر الإمكان حتى لا تتضاعف الإصابة، ويكون رأسه مُمدَّدًا على نفس مستوى باقي الجسم، ولا يُقدَّم أي طعام أو شراب للمصاب حتى الماء.
- إذا كانت الإصابة في الذراع أو الرِّجل:
-
-
- يجب رَفْع الطرف المصاب فوق مستوى القلب؛ ممَّا يقلل من تدفُّق الدم إلى الرِّجل، فيقل النزيف.
- يجب تثبيت الرِّجل أو الساق بأي قطعة صلبة كالخشب أو الحديد؛ لكي يتوقف النزيف، ولا تتعرض للكسر، خاصةً قبل عملية النقل.
-
-
- إذا كانت الإصابة في العنق أو الوجه، فيجب عدم استلقاء المصاب على الظهر حتى لا يزداد النزيف، ويُنصَح بأن يكون في وضعيَّة الجلوس أو الوقوف.
- فيما يخص النزيف:
-
- يجب أولًا العمل على إيقاف النزيف الناتج جرَّاء الإصابة بالرصاص الحي، وذلك من خلال الضغط على مكان النزيف بضمادة أو قطعة قماش لمدة (10 دقائق) حتى يتجلَّط الدم، ويتوقف النزيف، وعند امتلاء الضمادة بالدم، يتمُّ استبدال أخرى بها.
- قُمْ بوَضْع كيس من الثلج على الجرح لكي يتمَّ غَلْق الشرايين المتضررة من الرصاص الحي.
- بعد توقُّف النزيف، قُمْ بتضميد الجرح بقطعةٍ من القماش أو الشاش، وفي حالة عدم توافرهما، يمكن استخدام قطعةٍ من القميص، ولفها حول الجرح بإحكامٍ.
- تجريد المُصَاب من ملابسه للتأكُّد من عدم وجود إصابات نارية أخرى.
- التحدُّث مع الشخص المصاب، وذلك لمعرفة درجة وَعْيه، وإذا لم يَسْتجِبْ للحديث، فحاول إفاقته، وإذا لم يُفِقْ، فتأكَّد من قدرته على التنفس.
- فيما يخصُّ التنفُّس:
-
- التأكُّد من وجود النبض لدى المصاب، وذلك عن طريق الضغط برأسي إصبعي السبابة والوسطى على منطقة الرسغ في جهة الإبهام، أو على جانب الرقبة.
- إذا كان المصاب يتنفَّس، لكنه غائب عن الوعي:
-
-
- قُمْ بفتح فم الشخص المصاب، مع التأكُّد من أن لسانه لا يُعِيقُ عملية التنفُّس، وفي حالة إعاقة اللسان لتنفُّس المصاب، يتم إدارة رأسه إلى جهة اليمين أو اليسار حتى يتسنَّى له التنفُّس بصورة جيدة.
- الحرص على أن تكون ذقن المصاب مرفوعةً إلى الأعلى.
- إفراغ الدم من الفم والأنف في حالة وجود نزيف في الأنف أو الفم؛ تفاديًا لحدوث الاختناق.
- التأكُّد من إسناد رقبة المصاب بالرصاص الحي أثناء نَقْله حتى لا يحدث اختناق؛ سواء بالدم، أو اللسان (بَلْع اللسان).
-
-
- في حالة التأكُّد من عدم تنفُّس المصاب بالرصاص الحي، يتم عمل التنفس الاصطناعي مع التعامل مع الجرح أيضًا.
- فيما يخصُّ إصابات الحروق:
-
- يجب إبعاد الشخص المُصَاب عن مصدر الحريق فورًا
-
- في حروق النار: يجب مَنْع المصاب من الجري، ثم يتم لفُّه ببطانية أو معطف واسع بحيث يحيط بجسمه المشتعل، أو يتم قَلْب المصاب على الأرض لإخماد اللهب.
-
- يتم غسل الحرق بالماء البارد (تحت الصنبور) بأسرع وقت ممكن، ولمدة لا تقل عن (10 دقائق).
- يجب عدم نزع الملابس عن المصاب إذا كانت ملتصقةً بمكان الحرق، أمَّا إذا كانت مُلوَّثةً بسائل ساخن، أو بمادة كيماوية حارقة، فيجب نَزْعها على الفور.
- يتم تغطية مكان الحرق بقطعة قماش نظيفة، أو بضمادة مُعقَّمة إن أمكن، مع الانتباه إلى عدم وَضْع القطن على الحرق مباشرةً.
- يجب وَضْع المصاب بوضعيَّة الاستلقاء على الظهر، وتغطيته وتدفئته جيدًا.
- يجب مراقبة وَعْي المُصَاب وتنفُّسه، خاصةً عند حدوث حروق في مجرى التنفس؛ لأنَّ التورُّم الموجود في مكان الحرق قد يمنع مرور الهواء، ويؤدِّي إلى اختناق المصاب.
- إذا تعرَّضت العين إلى الحرق بمادة كيماوية، يجب الإسراع بغسلها بماء دافئ؛ كي تخرج المادة الكيماوية، ولمدة عشرين دقيقة على الأقل.