ثقافة السلامة النابضة

ثقافة السلامة النابضة

السلامة بوابة الاستدامة

ما هو مفهوم ثقافة السلامة النابضة؟

الحوادث التي كان لها تأثير قوي على البيئة، وإلحاق الضرر بالعائلات، وتعرض النشاط الاقتصادي للخطر، علي سبيل المثال:

انفجار عند إقلاع مكوك (تشالنجر)، وحادثة (تشيرنوبيل) النووية، وفي كلتا الحالتين أظهر التحليل أنَّهما كانتا حوادث تنظيمية أو منهجية لا يمكن تفسيرها فقط من خلال السلوك غير اللَّائق، ولكنها كانت نتيجة التراكم التدريجي للفشل في المؤسسات.

ماهو تعريف ثقافة السلامة النابضة؟

مجموعة من السمات والطرق المشتركة التي تتميَّز بها المؤسسات والشركات تعكس تأثير الثقافة التنظيمية، وطرق العمل، وطرق التفكير، وتشمل الاهتمام القوي من طرف الإدارة بالسلامة مع إشراك الجهات الفاعلة، واتباع الأساليب الاستباقيَّة والمخطط لها مسبقًا لضمان بيئة عمل آمنة ومنتجة بدلًا من اتباع النهج التفاعلي للوقاية من الحوادث، وبالتالي فإنَّ السلامة تصبح في المرتبة الأولى من قائمة أولويَّات الإدارة مساوية لوظائف العمل الأخرى؛ مثل: الإنتاجية والربحية وغيرها، واعتبارها جزءًا لا يتجزَّأ من القيمة الأساسية للمؤسسة.

لماذا الاهتمام والقلق بشأن ثقافة السلامة النابضة؟

وَفقًا لمنظمة العمل الدولية اثبتت الاحصائيات وفاة (2.34 مليون شخص) كل عام بسبب حوادث أو مرتبطة بالعمل وحوالي (340 مليون حادث عمل) و(160 مليون ضحية) لأمراض مرتبطة بالعمل، ويُفقَد (4%) من الناتج المحلي الإجمالي العالمي بسبب الحوادث والأمراض المهنيَّة.

تعتبرهذه نسبة ضخمة لا تستطيع الحكومات، ولا المنظمات، ولا المؤسسات تحمُّلها.

الاهتمام والقلق بشأن ثقافة السلامة النابضة ضروريان لعدة أسباب:

وقوع الحوادث

• حفظ الارواح :ثقافة السلامة تسعى بشكل رئيسي إلى حفظ الأرواح البشرية من وقوع الحادثو متابعات قضائية.
• فقدان ثقة العميل والموظفين والمساهمين يمكن أن يقلل من الالتزام بالممارسات الآمنة والقواعد واللوائح. قد يقلل العمال من التزامهم بالسلامة إذا شعروا بأن الإدارة أو الشركة لا تولي أهمية كافية لسلامتهم.
• تشكيل سُمْعة سيئة للمؤسسة أو الشركة، وتهديد الاستمرارية.
• تكلفة مالية: حدوث الحوادث يمكن أن يكون له تكلفة مالية عالية، بما في ذلك تكاليف مباشرة وغير مباشرة وتكاليف العلاج الطبي والتعويضات والمعاشات المخصصة للضحية. إذا لم تكن هناك ثقافة سلامة نابضة، فإن ذلك يمكن أن يكون له تأثير كبير على ميزانية المؤسسة.
• رد فعل الرأي العام وعدم الرضا الشعبي والإعلامي.
• فقدان العمل: إذا لم يتم الالتزام بممارسات السلامة في مكان العمل، فإن ذلك يزيد من احتمال فقدان العمل نتيجة للحوادث والإصابات. ذلك يمكن أن يؤدي إلى مشاكل عائلية/ إعادة التأهيل وتأثيرات اقتصادية سلبية على الأفراد والعائلات.
• الألم/العجز: الحوادث الناجمة عن نقص في السلامة يمكن أن تتسبب في الألم الجسدي والعجز وقف الإنتاج/المُعدَّات.

 الجوانب المالية والاقتصادية:

• ركود اقتصادي.
• التعويضات.
• ارتفاع معدل التأمين.
• فقدان الاستثمار.

الجوانب القانونية التنظيمية والمعيارية:

• عجز أو موت.
•  صورة المؤسسة – الشركة.

 الجوانب الإنسانية والاجتماعية: 

•  فقدان العمل.
•  العقوبات الداخلية والخارجية.
•  أنظمة السلامة والبيئة.

أهداف ثقافة السلامة النابضة:

• إنجاح برامج السلامة، والرفع من فعاليتها وكفاءتها.
• كفاءة الأداء والإنتاج، وجودة الخدمات التي تُقدِّمها المؤسسات والشركات.
• حماية عناصر الإنتاج (وفي مقدمتها العنصر البشري) من التعرُّض للحوادث أثناء العمل، وتوفير الظروف المادية والنفسية لأداء العمل بإنتاجية عالية.
• الحفاظ على العاملين من الأمراض النفسية والبدنية الناتجة عن العمل، ورفع الروح المعنوية للعاملين والعلاقات الإنسانية.
• تقليل الحوادث والإصابات، وخفض التكاليف المالية المرتبطة بها، وخفض تكاليف الإنتاج.
• التقليل من الخسائر في الأرواح والممتلكات، وحماية البيئة، ورفع الاقتصاد.

تصنيف ثقافة السلامة النابضة:

تصنف ثقافة السلامة إلى 

• ثقافة جبرية: يُنظَر إلى الحوادث على أنها سوء الحظ، أو التعبير عن الإرادة الإلهية.
•  ثقافة مهنية: إهمال السلامة من طرف الإدارة، ولكن يطور الموظفون دراية حكيمة، ويعملون على حماية أنفسهم من مخاطر مهنتهم، ونقلها من جيل إلى جيل.
• ثقافة إدارية: الإدارة مسؤولة عن السلامة؛ حيث يتمُّ تطوير نظام سلامة رسمي على مستوى الخط الإداري دون إشراك الموظفين.
• ثقافة نابضة متكاملة: مستوى عالٍ وإحساس قوي بمهمة السلامة، واقتناع مشترك بأداء سلامة جيد على جميع المستويات، ومهارات وقائية، وتعزيز تدفق المعلومات ومواجهتها.

ركائز ثقافة السلامة النابضة:

• اتخاذ خيارات استراتيجية حسب طبيعة النشاط وبيئة العمل.
• تقنيات وإدارة السلامة، والتكيُّف مع المواقف غير المتوقعة.
• وَضْع برامج متماسكة تضم عددًا كبيرًا من الجهات الفاعلة.
• السلوك الفردي.
• العوامل التنظيمية والبشرية.

النشاط البشري:

يتضمَّن النشاط البشري جزءًا مرئيًّا، وهي حركات وضعية، وكلمات، وطريقة العمل، وما إلى ذلك، وجزءًا غير مرئي (معالجة المعلومات بواسطة الدماغ، الظواهر البيولوجية المتعلقة بالعواطف).

المعتقدات والقيم… إلخ:

السلوك هو الجزء الملحوظ من النشاط، والاعتقاد هو فكرة يتمُّ اعتبارها صحيحةً دون أن يستند هذا الاعتقاد الى دليل موضوعي.

وتتأثَّر طرق العمل والتفكير لكل فرد بطرق العمل والتفكير المشترك داخل أماكن العمل والجماعات التي ينتمي إليها، والمجتمع المحيط.

دور الثقافة التنظيمية في تعزيز ثقافة السلامة النابضة:

تعكس ثقافة السلامة النابضة المكانة التي تُعْطيها الثقافة التنظيمية للسلامة في جميع القرارات، جميع الإدارات، وجميع المهن، وعلى جميع المستويات الهرمية تأثير وقوع حَدَث خطير عادةً ما ينطوي على فشل منهجي لعدد كبير من الحواجز؛ لذلك لا يمكن أن تستند الوقاية من الحواجز الخطيرة والكبيرة إلى الإجراءات التي تستهدف فقط سلوكًا فرديًّا، بل يتطلَّب التزام المؤسسة أو الشركة بأكملها.

الحوادث الأكثر خطورةً (المساهمة التنظيمية)، الحوادث الطفيفة (المساهمة الفردية).

التحديات الأولى للتأمُّل في ثقافة السلامة النابضة:

استهداف أخطر المخاطر كأولوية، تلك التي تُشكِّل أكبر تهديد للبقاء التنظيمي، ومن المرجح أن يكون هذا النهج توافقيًّا لإشراك جميع الجهات الفاعلة، ويمكن أن يكون لها تأثير على مخاطر أقل خطورة، والعكس ليس صحيحًا، فالجواب مختلف بشكل واضح في كل حالة معينة (بعض الشركات أو المهن أكثر تأثيرًا بالسقوط من المرتفعات, خطر نشوب حريق، أو انفجار، أو خطر كهربائي، أو عنف تجاه العملاء، وما إلى ذلك)، فهل هذه الرؤية من أخطر المخاطر، والطريقة التي يجب بها ضمان الأمن بشكل كبير يتقاسمها ممثلو المؤسسات والشركات؟

كيفيَّة بناء وتطوير ثقافة السلامة النابضة:

• بناء وتحسين ثقافة السلامة النابضة هو نهجٌ مستمرٌّ، الأمر الذي يتطلَّب نهجًا تكراريًّا على خلفية من الالتزام المستمر.
• التزام الإدارة والاهتمام بالسلامة.
• كفاءة نظام التنظيم.
• المرونة وإعادة تشكيل التسلسل القيادي إذا كانت الظروف تتطلب ذلك.
• بيئة عمل آمنة.
• التثقيف والتدريب في مجال السلامة.
• إشراك الموظفين ومُقدِّمي الخدمات، والالتزام الفردي بالسلامة.
• تحليل المخاطر، والتعلُّم من الأخطاء.
• التواصل بشأن السلامة، والإبلاغ عن المخاطر دون خوفٍ من اللوم، وتحليلها.
• العدل وتقاسم الحدود بين السلوك المقبول وغير المقبول.
• التعامل مع السلوكيَّات غير المقبولة بشكل ثابت وعادل ومنصف.
• إجراءات وممارسات العمل.
• ثقافة عادلة، وإعداد التقارير والتعلم.
• التسامح مع الخطأ، لا ثقافة اللوم.
• الاعتراف والحوافز للتحسين المستمر للأداء.
• الأمان النفسي (حرية التعبير).

التفاعلات اللازمة لثقافة سلامة نابضة قوية:

من خلال التفاعلات بين الجهات الفاعلة عبر التاريخ، ويستمر في التطور مع تحديدين:

•  التكيف مع البيئة الخارجية.
•  التكامل مع الأعضاء، أي: قضية التفاعلات اليومية بين الممثلين.

يتطلب التفاعلات والخطوات اللازمة لتعزيز الوعي بالسلامة وتعزيز الالتزام بها. بعض التفاعلات اللازمة لبناء ثقافة سلامة قوية:

• التكامل بين قيادة الإدارة ومشاركة الموظفين ضروري للتحكم بشكل أفضل في أهم المخاطر، والأداء العام للمؤسسات والشركات.
• تعبئة مشتركة لجميع الجهات الفاعلة بناءً على جميع نقاط القوة والضعف الحالية؛ ممَّا يجعل من الممكن تغيير ثقافة السلامة تدريجيًّا.
• تشخيص ثقافة السلامة الحالية نقطة انطلاقة أساسية لأي نهجٍ ترغب في تطويره ممارسات الفئات المختلفة من الجهات الفاعلة وأصحاب المصلحة تصورات إدارة السلامة. 
• التعامل بشكل جماعي، ومواجهة المشاكل العميقة.

خاتمة:

إنَّ بناء وتطوير ثقافة السلامة النابضة مسؤولية الجميع من أجل الاستمرارية، وتعزيز السلامة في مكان العمل أساسه الوعي المشترك بأهم المخاطر في مكان العمل، والمؤسسات كافَّة. ويمكن أن تكون مختلفةً حسب الأنشطة والمواقع والمهن، لكن يجب أن تكون معروفةً ومشتركةً من قِبَلِ جميع الجهات الفاعلة في المؤسسات، ويشمل التفكير في أهمِّ المخاطر تلك التي تُهدِّد الموظفين الداخليين ومقدمي الخدمات، والعملاء، والسكان المحليين، والبيئة، والمرافق واستمرارية العمليات.

السلامة بوابة الاستدامة:

شكرا للحضور الكريم

خديجة العدناني

خبيرة البيئة والجودة والصحة والسلامة.

مكونة واستشارية في مجال الصحة والسلامة والبيئة والتسيير الصناعي ورفع الإنتاجية.