مقالات المجلة

7- سلامة السيارات أحد أركان منظومة السلامة على الطرق

مقدمة:

تُعدُّ سلامة السيَّارات أحد الأركان الأساسية في منظومة السلامة على الطرق؛ إذ تؤدِّي دورًا محوريًّا في حماية الأرواح، وتقليل الإصابات والخسائر الناتجة عن الحوادث المرورية، فمع تزايد أعداد المَرْكبات، وتطوُّر شبكات الطرق، وارتفاع معدلات السرعة، أصبح الاهتمام بوسائل الأمان في السيارات ضرورةً مُلحَّةً لا غنى عنها لضمان سلامة السائقين والرُّكاب والمشاة على حدٍّ سواء. وقد شهدت العقود الماضية تطورًا كبيرًا في أنظمة وتقنيات السلامة، بدءًا من تجهيزات أساسية؛ مثل: (أحزمة الأمان، والوسائد الهوائية)، وصولًا إلى أنظمة متقدمة؛ مثل: (مكابح مانعة للانغلاق  (ABS)، وأنظمة مساعدة السائق الذكيَّة التي تهدف جميعها إلى مَنْع وقوع الحوادث، أو الحد من آثارها.

ولا يقتصر مفهوم سلامة السيارات على التقنيات فقط، بل يشمل أيضًا الصيانة الدورية للمَرْكبة، والالتزام بقواعد المرور؛ ممَّا يجعلها جزءًا لا يتجزَّأ من منظومة السلامة المرورية الشاملة التي تعتمد على تفاعل ثلاثة عناصر رئيسة: (المَرْكبة، الطريق، والعنصر البشري).

سلامة السيارات، ركيزة أساسية لطرق أكثر أمانًا:

لا تقتصر السلامة المرورية على جودة الطريق وحده، بل تتكامل في ثلاث ركائز رئيسة: (الطريق، المَرْكبة، وسلوك السائق)، واليوم نُركِّز على أهمية سلامة المَرْكبات، ودورها المحوري في تقليل الحوادث، ورفع مستوى سلامة مستخدمي الطريق. وسلامة المَرْكبات تتضمن خصائص تقنية متقدمة تهدف إلى مَنْع وقوع الحوادث عَبْر أنظمة السلامة النشطة، أو تقليل آثار الحوادث حال وقوعها من خلال أنظمة السلامة السلبيَّة.

وتُسْهم سلامة السيارات بشكل مباشر وفعَّال في تقليل الحوادث على الطرق من خلال عدَّة جوانب رئيسة:

  • أنظمة وتقنيات الأمان الحديثة: أدَّت التطورات التكنولوجية إلى إدخال أنظمة متقدمة؛ مثل: نظام الكَبْح الآلي في حالات الطوارئ  AEB) Automatic Emergency Braking )، الذي يستشعر المخاطر، ويقوم بتفعيل المكابح تلقائيًّا إذا لم يَسْتجب السائق بسرعة، ما يُقلِّل من احتمالية وقوع التصادمات المفاجئة، كذلك أسهمت أنظمة التحذير من التصادمات الأمامية، وكشف النقطة العمياء، والمحافظة على متابعة  مستشعرات المسرب (التسريب) لتنبيه السائقين، وتفادي العديد من الحوادث.
  • الهياكل الصُّلبة، ووسائد الهواء: تصميم السيَّارات الحديثة بهياكل قويَّة قادرة على امتصاص الصَّدمات، إلى جانب انتشار الوسائد الهوائيَّة التي تفتح تلقائيًّا عند التصادم، يُسْهم في تقليل الإصابات الخطيرة بين الرُّكاب.
  • أنظمة فرامل متطورة: مثل نظام: الفرامل المانعة للانغلاق  Anti-lock Braking System ABS)) الَّذي يمنع انزلاق العجلات أثناء التوقُّف المفاجئ؛ ممَّا يساعد السائق على الحفاظ على السيطرة على السيارة في المواقف الحرجة.
  • الصيانة الدورية، والفحص المستمر: التأكُّد من سلامة الفرامل، والإطارات، والإضاءات، وأنظمة التحكُّم- يَحُدُّ من الأعطال المفاجئة التي قد تُسبِّب الحوادث، ويزيد من موثوقيَّة السيارة على الطريق.
  • أنظمة الدَّعم الإلكترونـي للسائق: مثل أنظمة التحكُّم في الثبات الَّتي تراقب توازن السيارة، وتساعد السائق في استعادة السيطرة في الظروف الصعبة، إضافةً إلى أنظمة التحذير من التصادم التي تُصْدر تنبيهات عند اقتراب السيارة من عقبةٍ، أو شخصٍ آخر.
  • ابتكارات مستقبلية: مثل: السيارات ذاتية القيادة، وتقنيات الاتصال بين السيارات Vehicle-to-Vehicle (V2V) ، الَّتي تتيح تبادل المعلومات بين المَرْكبات، وتنبيه السائقين للمخاطر المحتملة؛ ممَّا يُسْهم في تقليل الحوادث بشكلٍ أكبر مستقبلًا.

أنظمة السلامة النَّشطة: (الوقاية خيرٌ من العلاج):

  • هذه الأنظمة تعمل بشكل استباقي لمنع الحوادث:
    • نظام الكَبْح التلقائي AEB: يستشعر الأجسام القريبة، ويُفعِّل المَكَابح لتجنُّب الاصطدام. والدراسات تشير إلى أنَّ السيارات المُزوَّدة بهذا النظام، شهدت انخفاضًا يصل إلى (30%) في حوادث التصادم.
    • أنظمة التحذير من الخروج عن المسار LDW) Lane Departure Warning): تُنبِّه السائق عند الانحراف غير المقصود عن المسار؛ ممَّا يُعزِّز السلامة، خاصةً على الطرق السريعة.
    • مراقبة النِّقاط العمياء Blind Spot Monitoring: تساعد السائق في الكشف عن المَرْكبات غير المرئيَّة؛ ممَّا يجعل تغيير المسار أكثر أمانًا، ويُقلِّل حوادث تغيير المسار.

أنظمة السلامة السلبيَّة (حماية بعد الاصطدام):

تعمل هذه الأنظمة على حمايتك أنتَ ورُكَّابك لتقليل آثار الحوادث:

  • الوسائد الهوائية Air bags : تنتفخ بسرعة فائقة لتوفير حماية للرُّكاب، ويمكنها تقليل خطر الوفاة بسبب الحوادث بنسبة تصل إلى أكثر من (50%)، وتُقلِّل الوسائد الهوائية الجانبية احتمالية وفاة السائق في الاصطدامات الجانبية بنسبة (37%).
  • أحزمة الأمان Seat belts: تمنع اندفاع الرُّكاب، وتُقلِّل الإصابات البليغة، واستخدام أحزمة الأمان يُخفِّض احتمالية الإصابات الخطيرة بنسبة (45%)، وحسَب  NHTSA، في 2022، فإنَّ (42%) من وفيات الحوادث بأمريكا سببها عدم استخدام حزام الأمان.
  • مناطق الانضغاط Crumple Zones: تمتصُّ طاقة الاصطدام؛ لتقليل القوَّة التي تصل إلى مقصورة الرُّكاب، وقد أظهرت الدِّراسات أن المَرْكبات المزوَّدة بمناطق انضغاط تُقلِّل قوة الاصطدام بنسبة تصل إلى (25%)؛ ممَّا يُسْهم في تقليل الإصابات الخطيرة أو الوفيات.

أثر التقنيات وسبيلنا للمستقبل:

أثبتت الدراسات أنَّ أنظمة السلامة الحديثة أسهمت في تقليل الحوادث بنِسَبٍ كبيرةٍ بالدول المتقدمة، وانتشار هذه التقنيات يُعزِّز مسؤولية السائقين، ويُحفِّز المُصنِّعين للاستثمار في السلامة.

وتؤدِّي التقنيات الحديثة دورًا حاسمًا في تحسين السلامة المرورية، وتقليل الحوادث على الطرق، حيث تعتمد أحدث أنظمة السلامة على دَمْج تقنيات متطورة؛ مثل: إنترنت الأشياء (IOT)، والذكاء الاصطناعي، الَّتي تتيح رصدًا فوريًّا لحالة الطرق، ومراقبة السرعات، وتنبيه الجهات المختصَّة لحالات الطوارئ بشكلٍ آنِـيٍّ؛ ممَّا يُعزِّز استجابة أسرع وأكثر فعاليةً، كما تُسْهم أنظمة النقل الذكيَّة في تحسين تدفُّق حركة المرور من خلال التحكُّم المروري الذكي، والإنذار المبكر، ورَصْد المخالفات آليًّا؛ ممَّا يُقلِّل من الازدحامات والحوادث.

إنَّ المستقبل يرتكز على تطوير بُنْية تحتية ذكية تتواصل مع المَرْكبات ذاتية القيادة وأنظمة السلامة عَبْر مُسْتشعرات متقدمة؛ ممَّا يتيح إرسال تنبيهات فورية للسائقين، ويُعزِّز انتباههم للطريق، بالإضافة إلى دعم التنقُّل السَّلِس والآمن في المدن الذكيَّة، كما يفتح الذكاء الاصطناعي آفاقًا جديدةً في التنبؤ بمواقع الحوادث، وتحسين أداء أنظمة التحكُّم المروري، وتوجيه قرارات الصِّيانة بناءً على تحليل البيانات الضخمة؛ ممَّا يجعل إدارة المرور أكثر ذكاءً وفعاليةً.

الخاتمة:

سلامة السيارات لم تَعُدْ رفاهيةً، بل ضرورة في منظومة سلامة الطرق الشاملة، وتكامل أنظمة السيارة الذكية مع البُنْية التحتية، ووَعْي السائق يُشكِّل قاعدةً صُلْبةً لمستقبل مروري أكثر أمانًا، وكل سيارة آمنة على الطريق تعني فرصةً أقل لوقوع حادث، وحياة أكثر أمنًا لمستخدمي الطريق. ويُمثِّل التطوُّر التقني حَجَر الزاوية في بناء مستقبل أكثر أمانًا على الطرق، حيث تُسْهم الابتكارات في تعزيز سلامة المَرْكبات، وتحسين سلوك السائقين، وتقليل الأخطاء البشرية.

إنَّ تبنِّي التقنيات الحديثة، وتطوير البُنْية التحتية الذكية إلى جانب التوعية المستمرة والتدريب، يُشكِّل السبيل الأمثل لتحقيق منظومة مرورية متكاملة تحمي الأرواح، وتُقلِّل الحوادث؛ لذا: فإنَّ الاستثمار المستدام في التكنولوجيا، وتفعيل التعاون بين الجهات المَعْنيَّة هو الطريق نحو مستقبلٍ أكثر أمانًا وازدهارًا للجميع على الطرق.

موضوعات ذات صلة

2 تعليقات على “7- سلامة السيارات أحد أركان منظومة السلامة على الطرق

  1. Great liquidation opportunities

  2. يقول salvage pallets:

    Perfect liquidation supplier

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *