تشعر أجسامنا بالصَّدمة الكهربائيَّة، وذلك إذا التقى أيُّ جزءٍ من الجسم بالكهرباء الحيَّة، وفي نفس اللحظة يكون الجسم متصلًا بجهد مختلف من الناحية الأخرى، فحينها يتدفق تيار كهربائي عبر الأنسجة؛ ممَّا يسبب صدمة كهربائية، أو ما يطلق عليه الناس أحيانًا اسم: (الصعق الكهربائي).
فـ «الصدمة الكهربائية»، هي: «تأثير فسيولوجي خطير ومؤلم يحدث نتيجة مرور تيار كهربائي عَبْر جسم الإنسان أو الحيوان».
وقد تتراوح الصدمة من هزَّة مزعجة – ولكنها غير ضارَّة من الكهرباء الساكنة التي يتمُّ تلقِّيها بعد المشي على سجادة سميكة في يومٍ جافٍّ – إلى تفريغ مميت من خط كهرباء.
فمن الممكن أن يُصَاب الإنسان بالصعق الكهربائي أو الصدمة الكهربائية المباشرة إذا لمس أي طرف حي ( Phase)، والذي يحمل جهدًا كهربائيًّا ( volt )، ولمس في نفس الوقت خط التعادل ( Neutral )، والذي يكون في الحالات الطبيعية يحمل جهدًا كهربائيًّا مقداره: (صفر)، وبذلك ينحصر الإنسان بين فرق جهد كهربائي، والذي يكون بين الـ ( phase , Neutral )، ويمكن أيضًا أن يُصَاب بالصدمة المباشرة إذا لمس two phase) )، أي: بين خطَّين من الجهد الكهربائي في منظومة التيار المتردد ثلاثي الأوجة 3 phases system))، وبذلك ينحصر أيضًا بين فرق جهد كهربائي، والذي يكون بين الـ ( phase , phase ).
كما أنه يمكن أن يُصَاب أي شخص بصدمة كهربائية غير مباشرة indirect shock) )، إذا قام فقط بلمس الطرف الحي ( Phase)، والذي يُسمَّى بالـ ( (Live في أي دائرة كهربائية جهدها volt ، وفي نفس الوقت كان متصلًا بالأرض من خلال قدميه، أو إحدى يديه، أو أي جزءٍ من جسده، فعندئذٍ سيمر تيار كهربائي في جسد ذلك الإنسان، وهي تعتبر في هذه الحالة صدمة غير مباشـرة indirect shock))؛ لأنه لم يلمس السلكين معًا مباشرة (Phase + Neutral) ، وبالطبع فالفرقُ بين الحالتين فقط في التَّسمية، أمَّا التأثير فمتشابهٌ.
السِّرُّ وراء عدم صعق الأسلاك الكهربائية للطيور:
وتأكيدًا على ما سبق، نرى أن الطيور لديها القدرة على الوقوف على خطوط الطاقة الكهربائية دون التعرُّض لصدمة كهربائية، ويعتقد البعض أن الطائر ليس موصلًا جيدًا للكهرباء، وهذا غير صحيح بالمرَّة، ولكن الحقيقة أن الطائر عند وقوفه على خطوط الطاقة الكهربائية، فإنه بالفعل يتعرَّض لجهد فقط، وليس لفرق جهدٍ، والفرق كبير جدًّا، فترجع عدم إصابة الطيور بالصدمات الكهربائية أثناء وقوفها على السلك إلى أنه لا يوجد فرقُ جهدٍ في السلك الواحد؛ إذ إنَّ تدفق التيار الكهربائي يكون من المناطق ذات الجهد العالي إلى مناطق ذات الجهد المنخفض، وهذا ما يجعل الكهرباء تنتقل في السلك إلى الطرف الآخر الأقل مقاومةً، وتتجاوز الطيور.
أمَّا إذا قامت الطيور بلمس الأرض – بصورة عامَّة إذا اتصلت بالأرض بأيِّ وسيلةٍ كانت – أثناء وقوفها على السلك، أو قامت برفرفة أجنحتها، ولمس سلك كهربائي آخر يحتوي على جهد مختلف، فإنَّها في هذه الحالة ستحصل على صدمة كهربائية تؤدِّي بها إلى الموت، وذلك لأنَّ الجسم سيكون بمثابة مسارٍ للكهرباء للوصول إلى الأرض أو السلك الآخر ذي الجهد المختلف.
لهذا السبب، فإنَّ خطوط الكهرباء تميل لأنْ تكون عاليةً في الهواء مع مسافة كافية بين الأسلاك.
حالات الإصابة بالصدمة الكهربائية:
تحدث الغالبية العظمى من الوفيات بسبب التيار المتردد عند ترددات التيار المنزلي البالغة (60 هرتز) (دورة في الثانية HZ) في أمريكا الشمالية، و(50 هرتز) في أوروبا، ويحدث معظم الوفيات نتيجة ملامسة موصلات ذات جهد أقل من (500 فولت)، وهو الجهد الأكثر تواجدًا بالقرب من الإنسان في تعاملاته اليومية، وهذا لا يعني أنَّ الفولت العالي أقل خطورةً، ولكنه موجود بشكل عام فقط على الأجهزة وخطوط الإمداد التي تُديرها شركات النقل والتوزيع، والتي تحاول ضمان عدم وصولها إلا للأشخاص المُدرَّبين والمُرخَّصين.
تأثير التيار الكهربائي على جسم الإنسان:
يُسبِّب مرور التيار الكهربائي في جسم الإنسان آثارًا حرارية وتحليلية وبيولوجية:
- الآثار الحراريَّة:
عندما تتجعَّد ملابسنا، نستخدم المكواة الكهربائية لجعل ملابسنا مفرودةً وأنيقةً، وتعمل المكواة على مبدأ تأثير التسخين بالتيار، وهناك العديد من هذه الأجهزة التي تعمل على تأثير التسخين.
وعندما يتدفَّق تيار كهربائي عَبْر موصل، تتولَّد حرارة في الموصل، ويتم إعطاء تأثير التسخين بالمعادلة التالية:
H=I²Rt
ويعتمد تأثير التسخين (H) على العوامل التالية:
- الوقت (T) الذي يتدفَّق فيه التيار، فكلَّما طالت مدة تدفق التيار في الموصل، تولَّد المزيد من الحرارة.
- المقاومة الكهربائية للموصل (R)، فكلَّما زادت المقاومة، زادت الحرارة المتولدة.
- مقدار التيار (I)، فكلَّما زادت كمية التيار، زادت الحرارة المُنتَجة، وإذا كان التيار قليلًا، فمن المُرجَّح أن تكون كمية الحرارة المتولدة صغيرة جدًّا، وقد لا يتمُّ ملاحظتها، ومع ذلك إذا كان التيار أكبر، فمن الممكن أن يتمَّ توليد كمية ملحوظة من الحرارة والاحتراق الذي يصيب الأجزاء الخارجية للجسم بسبب سخونة الأوعية الدموية.
- الآثار التحليليَّة:
تتمثَّل في تحلُّل الدم والسوائل الحيويَّة الأخرى؛ ممَّا يؤدِّي إلى إتلاف تركيبها الفيزيائي والكيميائي.
- الآثار البيولوجية:
تتمثَّل في تهييج الأنسجة الحيَّة، والذي يمكن أن يتَرافق مع تقلُّصات تشنُّجيَّة غير إرادية للعضلات، ومنها عضلات القلب والرئتين؛ ممَّا يؤدي إلى تمزُّق الأنسجة، واختلال عمليتي التنفُّس ودورة الدم.
ومن المعروف أنَّ الصدمة الكهربائية يمكن أن تصيب الإنسان أو الحيوان بإصابات بالغة تؤدِّي إلى الموت (الصعق الكهربائي)، ولكن تتوقف درجة الإصابة على ظروف عديدة عند وقوع الحادث، وأهمُّها هو كمية التيار المار في جسم الإنسان، والمسار الذي يسلكه التيار خلال الجسم، وزمن مرور التيار في جسم الإنسان، إضافةً إلى عوامل أخرى تخصُّ الشخص المصاب من حيث الحالة الصحيَّة، والحالة البدنيَّة، وأيضًا طبيعة الموقع الَّذي حدثت عنده الصدمة.