مقدمة:
المنزل لدى أفراد المجتمع في أيِّ مكان وزمان، وأيًّا كانت مساحته ومستواه، هو واحة الأمان، والملاذ الآمن للهروب من المخاطر الخارجيَّة، فهو يُمثِّل لهم مكان الاستقرار الشخصي والعائلي، ولكن تَبيَّن أن المخاطر داخل المنزل هي أكثر ممَّا يتصوره البعض، فقد تسبَّبت في الكثير من الحوادث، والإصابات، والوفيات التي وقعت وتحدث يوميًّا، فحوادث السقوط، وحالات التسمم، والحرائق والاختناق، والغرق، وغيرها من الحوادث المنزلية تقع بسبب تصرفات خاطئة من الأفراد، أو بسبب افتقارٍ لثقافة السلامة؛ لذلك فإننا نضع بين أيديكم الدليل الشامل للسلامة المنزلية، والذي نتطرَّق فيه إلى اشتراطات السلامة الواجب اتِّباعها عند اختيار موقع المنزل وتشييده، والإرشادات المهمَّة التي تساعد أفراد الأسرة على تجنُّب الحوادث المنزلية، وعلى كيفيَّة التصرُّف السليم أثناء وقوع الحوادث لتقليل الخسائر بقدر الإمكان، حَفِظكُم الله من كل مكروهٍ.
الخطوة الأولى لبناء منزل: يُحقِّق أحلامك، والسلامة لأفراد أسرتك:

لكلِّ واحد منَّا حُلْم خاص بالمنزل الذي يتمنَّى أن يعيش فيه، ولكن اختيار الموقع المناسب قبل التفكير في بناء أو شراء منزل جديد أمرٌ في غاية الأهمية، فهو الرَّكيزة الأولى في تحقيق السلامة لك ولأفراد أسرتكَ، ويجب أن تتوافر في هذا الموقع اشتراطات من شأنها تأمين السلامة لمُسْتخدمي المنزل مستقبلًا، والتي من أهمِّها: أن يكون موقع المنزل بعيدًا عن مصادر التلوُّث والخطورة الناتجة عن الورش والمصانع، ومحطات البترول، ومحطات الكهرباء، ومُحوِّلات الضغط العالي الكهربائي، وأن يكون على أرضٍ غير ملوثة بالنُّفايات، وغيرها من مصادر الخطورة، ومن ثَمَّ اختيار التصميم الجيِّد الذي يتناسب مع الذوق والراحة الشخصية، بحيث يضمن توفير التهوية، والإضاءة الطبيعية الجيدة من خلال توفير مساحات فضاء حول المبنى، وتنفيذ اشتراطات السلامة المتعلقة بأنظمة الإنذار، ومُعدَّات مكافحة الحريق، ومخارج ومسالك الهروب، ومعايير الجودة والسلامة في عناصر الإنشاء.
السلامة الكهربائية في المنزل:
المخاطر وسبل الوقاية:
تُعْتبر الكهرباء من مصادر الطاقة والقوى المُحرِّكة، ومن أهمِّ وسائل الراحة التي تجعل حياتنا أكثر سهولةً ويسرًا، فالإنسان لا يُمْكنه الاستغناء عن الطاقة الكهربائية في منزله، فأغلب الأجهزة في المنزل هي أجهزة كهربائية، والكهرباء هي المُشغِّل لأجهزة التدفئة في فصل الشتاء البارد، والمُكيِّفات والمراوح في الأجواء الحارَّة في فصل الصيف، والإضاءة، والغسالات، والثلَّاجات، والأفران، وكذلك تشغيل مختلف الأجهزة المسموعة والمرئيَّة، وغيرها من الأجهزة التي يتمُّ استخدامها يوميًّا بالمنزل، ولكن على الرغم من الفوائد الكثيرة للكهرباء في حياة الفرد والمجتمع إلا أنَّها تُشكِّل خطورةً على سلامة الأرواح والممتلكات، وقد تكون سببًا في وقوع الحرائق والانفجارات، أو وفاة الكثير من الناس، والحقُّ يقال: إنَّ الكهرباء تُشكِّل خطورةً على كل مَنْ يتهاون أثناء استخدامها، ويُهْمل احتياطات السلامة، والتعليمات الواجب اتِّباعها أثناء تنفيذ الشبكات والتوصيلات الكهربائية، أو عند الاستخدام؛ لذا فإنَّنا سوف نتطرَّق إلى أمثلة من العوامل المُسَبِّبة لوقوع حوادث الكهرباء في المنزل، والأضرار الناتجة عنها، وطرق الوقاية منها.
- مخاطر سخانات المياه الكهربائية، قنبلة موقوتة:
سخَّانات المياه الكهربائية تعتبر ركيزةً أساسيةً من تجهيزات المنزل، ويتمُّ استخدامها بشكل دائم في فصل الشتاء، ولكنها تُشكِّل مصدر خطورة، وتتسبَّب في حوادث الموت المباشر بسبب حدوث تماس كهربائي في سخان المياه، أو الانفجار، ويرجع ذلك إلى تركيب السخَّان من قِبَلِ فنيٍّ غير متخصص يَنْسى وضع صمام الأمان، أو عدم توصيل السلك الأرضي، أو إهمال الصِّيانة الدورية للسخان، أو استخدام توصيلات كهربائية غير جيِّدة، أو تركيب سخانات غير مطابقة للمواصفات والمقاييس العالمية.
تدابير السلامة الوقائيَّة:
-
- طلب شهادة الضمان والجودة للسخان التي تضمن سلامته من عيوب التصنيع.
- تركيب السخان من قِبَلِ المختصين.
- التأكُّد من صلاحية صمام الأمان، والترموستات، والقاطع الحراري، ولمبة البيان، ومؤشر قياس الحرارة؛ لأن وجود عطل أو تلف في مُنظِّم الكهرباء (الترموستات) يؤدِّي إلى استمرار ارتفاع درجة الحرارة دون فصل التيار من قِبَلِ المنظم، ويؤدي إلى الانفجار.
- فصل التيار الكهربائي عن السخَّان في حال انقطاع المياه لمنع الانفجار نتيجة تبخُّر المياه الساخنة، أو عدم وصول المياه إليه مع استمرار ارتفاع الحرارة حتى تصل إلى درجة الغليان والتبخُّر، فيؤدي ذلك إلى حدوث ضغط داخل الخزان، ثم الانفجار.
- فصل التيار الكهربائي فورًا عن السخان عند ملاحظة أي تسريب للمياه، أو عند حدوث صدمة كهربائية نتيجة لملامسة السخان، وفي هذه الحالة يجب الاستعانة بالفني المختص.
- يجب وَضْع سخانات المياه في أماكن مفتوحة.
- إجراء الصيانة الدورية للسخان بمعرفة الفني المختص.
- استبدال سخانٍ جديدٍ بسخان المياه إذا كان قديمًا، أو لا يعمل بانتظامٍ.
- يجب العناية بخزان السخان؛ لأنه بسبب عمليات تسخين المياه في فصل الشتاء، وإغلاقه في فصل الصيف، وعدم استخدامه، تتكوَّن طبقة من الترسبات على جدار السخان، أو على الأجزاء الداخلية للسخان، فتُعطِّل عملها الرئيس، وبالتالي لا تقوم بدورها في تسخين المياه، أو التحكُّم في سخونتها.
- يُفضَّل فكُّ أجزاء السخان لتفريغ المياه مرةً في السنة، وذلك عن طريق فتح صمام الصرف الواقع في أسفل السخان، ويفضل أن يتمَّ ذلك بمعرفة الفني المختص.
- مخاطر مروحة شفط الهواء.. مُتَّهم رئيس في معظم الحرائق:
تتعرَّض ربة المنزل أثناء وقوفها في المطبخ إلى الاختناق والضيق بسبب الروائح المنبعثة من الطعام عند الطهي، أو بسبب الاحتباس الحراري المتولِّد من الحرارة المنبعثة من الفرن، أو الدخان الناتج عن عملية الطهي؛ لذلك يتمُّ تركيب مروحة الشَّفط التي تقوم بشفط الهواء والدخان والحرارة إلى خارج المطبخ، ومَرْوحةُ شفط الهواء تُعْتبر مُتَّهمًا رئيسًا في معظم الحرائق المنزلية؛
لذلك يجب اتِّباع تدابير السلامة الوقائية التالية لتجنُّب نشوب حرائق:
-
- التأكُّد من إغلاق مروحة شفط الهواء قبل النوم، ويجب عدم تَرْكها تعمل لمدة طويلة، خاصةً خلال فترة الصيف.
- يجب تنظيف مروحة شفط الهواء، وإزالة الدهون العالقة بها، والتي تتجمَّع على شكل خیوط دقيقة على مُحرِّك المروحة، وعند تشغيلها لفترة طویلة یسخن، وينطلق منه حرارة كافیة لإشعال الزیت أو الخیوط العالقة به، ویحدث الحریق؛ لذا يجب قطع التيار الكهربائي عنها قبل نشوب الحرائق، واختياركَ لأنواع ذات كفاءة عالية يُجنِّبك المخاطر.
- مخاطر حوادث المدفأة الكهربائية
في فصل الشتاء تبدأ درجات الحرارة بالانخفاض، ويلجأ أفراد الأسرة إلى استخدام وسائل التدفئة بشتَّى أنواعها، ولكن للأسف يقع الكثير من حوادث الحريق بسبب سوء استخدام المدفأة الكهربائية، حيث تبيَّن أنها كانت سببًا مباشرًا في حدوث حرائق كثيرة، وقد تتعدَّى الخسائر الناجمة عنها الممتلكات المادية لتصل إلى الأرواح البشرية، ويرجع ذلك نتيجةً لوضعها بالقرب من أَسِرَّةِ النوم، أو ملاصقةً للمفروشات، أو بالقرب من المناضد الخشبية أو الممرات، كما أنَّ بعض الناس يقعون في خطأ كبير باستخدامهم الدفايات الكهربائية لتجفيف الملابس الرطبة في فصل الشتاء أثناء غياب الشمس
تدابير السلامة الوقائيَّة للمدفأة:
-
- عدم وَضْع المدفأة بالقرب من مواد سهلة الاشتعال.
- عدم ترك الأطفال بمفردهم بالقرب من المدفأة، وعدم تشغيلها عند النوم وتركها دون مراقبة لساعات طويلة.
- عدم توصيل المدفأة بالأسلاك الرديئة حتى لا تُسبِّب تماسًا كهربائيًّا.
- تجنب وضع المدفأة في الممرات داخل المنزل -وخاصةً في الليل- حتى لا يتعثَّر بها أحد أفراد الأسرة، أو تسقط على قطع الأثاث القريبة منها.
- مخاطر حوادث المكواة الكهربائية:
للمكواة دورٌ مهمٌّ في حياة الإنسان الذي يتطلع إلى مزيدٍ من الأناقة في مظهره العام، حيث لا يمكن الاستغناء عنها في عصرنا الحالي، ولكنها قد تكون سببًا مباشرًا في نشوب الحرائق التي تؤدِّي إلى خسائر جسيمة في الأرواح والممتلكات، أو تكون سببًا في حروق مباشرة للإنسان نتيجة اللمس المباشر لجسم المكواة الساخن، أو بسبب السهو، أو الإهمال، أو تركها دون فصل التيار الكهربائي عنها بعد الاستخدام، أو اشتعال الملابس نتيجة نسيان المكواة ملاصقةً لها لفترة طويلة؛ لذلك يجب الحرص والدقة عند استخدامها.
تدابير السلامة الوقائيَّة:
-
- التأكد من فصل التيار الكهربائي عن المكواة بعد الانتهاء من استخدامها.
- عند الانتهاء من عملية كَيِّ الملابس، يجب تَرْك المكواة لفترة كافية حتى تبرد، ومن ثَمَّ القيام بعملية تخزينها.
- عدم القيام بعملية الكَيِّ أثناء مشاهدة التلفاز، حتى لا يتشتَّت ذهنك بين المشاهدة وبين عملية الكَيِّ، الأمر الذي قد يؤدي إلى نسيان المكواة على الملابس، ونشوب الحريق، أو حرق مباشر للجسم نتيجة ملامسة المكواة الساخنة.
- مراعاة اختيار أنواع جيِّدة، والابتعاد عن الأنواع رخيصة الثمن، والتي غالبًا ما تتلف بسرعة.
- الكشف الدوري عن سلامة مُكوِّنات المكواة الكهربائية بمعرفة الفني المختص، وبخاصة سلامة أسلاك التوصيل الكهربائية، وعدم وجود تشقُّق أو تلف بها.
- في حال نُشُوب حريق، يجب فصل التيار الكهربائي أولًا قبل القيام بمكافحة الحريق.
- يجب عدم ترك الأطفال يقومون باستخدام المكواة الكهربائية، ويجب التأكُّد من وَضْعها بمكانٍ يصعب وصولهم إليها.
- في حالة سماع أصوات الطنين أو الأزيز غير العادية الصادرة من شبكة الكهرباء، أو انبعاث رائحة احتراق، أو أيَّة روائح أخرى من المكواة الكهربائية أو الأسلاك الكهربائية، سَارِعْ بفصل التيار الكهربائي عنها، ولا تَقُمْ باستخدامها.
خاتمة:
إنَّ السلامة المنزلية ركنٌ أساسيٌّ لحماية الأسرة، تبدأ باختيار الموقع والتصميم الآمن، وتمتد إلى الالتزام بالإجراءات الوقائيَّة، خاصةً فيما يتعلق بالمخاطر الكهربائية، فبالتوعية واتِّباع إرشادات السلامة، نصنع بيئةً مستقرةً وآمنةً، وتذكَّر دائمًا أن الوقاية هي الدِّرع الأول ضدَّ المخاطر، وأن الأمان ليس خيارًا، بل ضرورة لحياة مطمئنة.